بملابس السجن وقف الاربعيني "ص" داخل قفص الاتهام بالمحكمة رافعا رأسه لا يكترث لما سينطق به القاضي من حكم ضده، بسبب قتله ابنته الشابة الجامعية "ل".
جميع افراد العائلة حضروا لسماع الحكم الاخير، وكانهم جاءوا لحضور حفل زفاف، فالشرف لديهم غال. بعد دقائق قليلة قال القاضي: "باسم الشعب الفلسطيني قررت المحكمة الحكم على المتهم والد الفتاة بإخلاء سبيله بعد تنازل اولياء الدم عن الجريمة، والاكتفاء بمدة سجنه عامين".
مجرد أن أنهى القاضي الحكم الاخير علت الزغاريد داخل قاعة المحكمة، فقد غسل العار الذي لحق بعائلتهم وبعد اخلاء سبيل الاب سيعود لحارته مرفوع الرأس بعدما كانوا يرمقونه بنظرات دونية ويقذفونه بأبشع الكلمات.
ألفاظ بذيئة
قضيتنا تعود إلى ما قبل عشر سنوات، حينما بدأت الشابة "ل" منذ التحاقها بالجامعة الغياب عن البيت لايام بحجة أنها تقضيها عند والدتها المطلقة، لكنها كانت تنسج القصص المفبركة على والدها وتوهمه أن امها متعبة وستمكث أياما قليلة برفقتها حتى تتعافى.
في إحدى المرات لمح والد "ل" أمها في السوق وسألها عن ابنتها فأجابته انها لم تأت لزيارتها منذ شهر، وقتئذ جن جنونه وراح يبحث عنها حتى عادت بعد يومين.
عند عودتها سألها عن سر اختفائها، فأنكرت وقالت إنها كانت تذاكر مع صديقتها بقرب منزلها من الجامعة، وتخشى أن تغلق الطرق ولا يمكنها تقديم امتحاناتها لأنهم يقطنون في المناطق الجنوبية وكان الاحتلال الاسرائيلي قبل انسحابه 2005 يغلق الطرق من حين لاخر ويحرم طلبة الجنوب الذهاب لجامعاتهم.
لم يرتح بال والد الفتاة لما تحدثت به، لاسيما وأنه منذ التحاقها بالجامعة كان يلحظ همزا ولمزا من قبل الشباب في منطقة سكنها واثارت بعض البلبلة حول سلوكها.
وفي احدى المرات اصطاد والد "ل" ابنته تجلس في بيت قريب لهم بوضع مخل مع أحد شباب العائلة، فانهال عليها بالضرب وحبسها اياما متتالية إلى أن جاء عمها واصطحبها إلى بيته مدة شهرين، لكن اعادها لوالدها بعد ايام خشية من وقوع محظور مع ابناء عمها.
عادت "ل" إلى بيت والدها وسرعان ما اخذتها زوجة والدها موهمة الجميع انها سترعاها، لكن الواقع كان مغايرا حسب ما جاء في تحقيقات النيابة، فقد كانت تعذبها وتحرمها الطعام وكانت تربطها بجنزير في الشباك خشية الهرب وتقذفها بألفاظ بذيئة وفق اعترافاتها.
بعد شهور من الحبس تم اخلاء سبيلها وعادت إلى الجامعة لكنها هذه المرة غابت عن البيت فترة طويلة وصلت ثلاثة أسابيع فقد وجدها والدها في احد مراكز التأهيل، بعدما أمسكتها الشرطة برفقة شاب على شاطئ البحر وحولت إلى المركز لإصلاح سلوكها.
حضر والدها إلى المركز وتعهد بعدم الاعتداء عليها، وبمجرد ان اصطحبها للبيت بدأت الاشاعة تثار حولها بأنها حامل فقرر والدها التخلص منها للابد، حيث ربطها مجددا بجنزير إلى الشباك وأحضر "ماسورة" حديد وراح يضربها حتى سقطت مغشيا عليها.
بعد دقائق عاد شقيقها الصغير للبيت ودخل غرفتها، فوجدها تتحرك وتقول له" احضر والدتي أريد أن تسامحني"، لم يعرها أي اهتمام، لكن بعد نصف ساعة وجدت ميتة، حينها ذهب والدها إلى الشرطة وسلم نفسه.
تقارير الطب الشرعي أكدت أن جثة الفتاة تعرضت لضرب مبرح بادوات حديدية، بالاضافة إلى أنها لم تكن حامل كما ادعى والدها حينما قرر أن يغسل عاره.