تنتشر نظرية نقدية انتهازية في المجتمع الفلسطيني عنوانها: "يا فيها يا بأخفيها"، يتم بموجبها التعرض لقضية أو مناسبة أو حادثة بتحشيد كل العيوب والثغرات وجوانب القصور، بل و"تبهيرها" ببعض الإشاعات، لتصبح خطيئة وجريمة وفضيحة، لأنه لا مصلحة أو غنيمة مرجوة منها.
في زمن الفيسبوك والواتساب وسيارات الأجرة، يسهل على الغاضبين والغيرانين والقشاشين والفاشلين امتلاك منابر إعلامية للتشويه والترويج والانتقام بطريقة تقلب الحقائق رأسا على عقب وينطبق على بعضهم المثل الشعبي: "بيحبلو البنت البكر"، لكثرة "اللت والعجن".
أحد الزملاء دوّن في "بوست" على الفيس انتقاده الشديد لمقتل مواطن على أيدي أجهزة الأمن في غزة، معتبرا ذلك استحلالا لدماء بريئة، وعبر عن تضامنه باعتباره "سلفي الفكر"، والغريب أن صحابنا لديه مشكلة أساسية من أعمدة الدين وهي "عدم التزامه بالصلاة"، أما من شاركوا بلايكاتهم ممن أعرفهم فلديهم، إلى جانب ذلك بعض المسلكيات السلبية والأخلاقية وهكذا: "الجمل ما بيشوف عوجة رقبته".
ونفس أصحاب الرقبة العوجة في حكومة التوافق الذين أدانوا حادثة مقتل المواطن في الشيخ رضوان بعد اشتباك مع الأمن في غزة، يتجاهلون عشرات حالات القتل خارج القانون سواء ميدانيا أو جراء التعذيب في سجون الضفة الغربية، بينهم مقاومين وأئمة مساجد على خلفية التنسيق الأمني مع الاحتلال.
الاسترزاق من الانتقاد ومهاجمة الهيئات والمسئولين تعد جريمة ابتزاز وتربح غير مشروع حتى من اجل الحصول على" كوبونة"، صحيح هناك أصحاب مواقف، ورأي حر لا يبتغون غنيمة أو مصلحة، لكن "الأرزقية" تكاثروا هذه الأيام، سواء على صعيد الأشخاص أو الفصائل أو المؤسسات تحت لافتات حقوقية أو إنسانية مختلفة، بعدما وضعوا كل حركة في غزة تحت المجهر ولم يتركوا شيئا إلا هجوه ولم يبق أمامهم إلا أن يهجوا أنفسهم على طريقة الحطيئة الذي قال يوماً:
أبت شفتاي اليوم إلا تكلماً ... بهجو فما أدري لمن أنا قائله
فرأى وجهه في الماء فقال:
أرى اليوم لي وجهاً فلله خلقه ... فقبح من وجه وقبح حامله
بينما يلوذ هؤلاء الذين يلسعونا بسياط ألسنتهم بالصمت عندما يتعلق الأمر بخطايا الرئاسة أو الحكومة أو أولو النعمة من الممولين، والسبب... أنهم يخشون على مصالحهم، "ولأن القوي عايب".