الحيادية في عالم الصحافة والإعلام لا وجود لها أعي هذه المسألة جيدا وبناء عليه لن اطلب منكم حيادية فيما تنشرون أو تقدمون من تقارير، ولكن ما أطلبه هو المهنية والأمانة الصحفية التي تقتضي منكم البحث عن الحقيقة لا أن تتحدثوا في قضايا مغلوطة وغير صحيحة وفيها كثير من التجني بدا واضحا في تقريركم المعنون (أدباء غزة وفنانوها: حماس خنقت الثقافة في القطاع) والمنشور الخميس 4-6-2015، من بدايته إلى نهايته ، وكان واضحا منذ البداية عندما استهل التقرير بمقدمة غير مهنية وجانبها الصواب وفيها تحامل على حركة حماس نابع من إيديولوجية مناهضة للإسلاميين وحركة حماس.
هذا الموقف الإيديولوجي المعادي للفكر الإسلامي كان سببا واضحا في انحراف التقرير عن جادة الصواب ، فالأدب والفن لدى حركة حماس جزء من ثقافتها ومنهجها وهو أحد أدواتها لتوصيل رسالتها وليس عيبا أن يكون الأدب والفن الذي تؤمن به حماس يتوافق مع منطلقاتها الدينية والسياسية لأن الأدب والفن هو انعكاس للمبادئ والمعتقدات التي تربى عليها الفنان والأديب، ولكن لا يعني ذلك الحجر على الفن والأدب المخالف للفكر الذي تؤمن به حماس، ولو كان الأدب والفن كما يدعي كاتب التقرير (حركة حماس لا تؤمن بالعمل الأدبي والفني إلا بما يخدم أيديولوجيتها الأصولية أما غير ذلك فهو في خانة البدعة والكفر) لما وجدنا الأدباء والشعراء والفنانين والمسرحيين من أبناء حركة حماس ومن نافلة القول أن نتحدث عن أول من أحيا الفن في قطاع غزة بعد عدوان 67 ونقله إلى الضفة الغربية كانت الحركة الإسلامية من خلال فرق الفن الإسلامي التي أعادت القيم والأخلاق داخل المجتمع الفلسطيني.
حماس تدرك أننا شعب تحت الاحتلال، وأن أرضنا محتلة وأن حقنا أن نطرد هذا المحتل ونقاومه بكل الوسائل والسبل والفن والأدب بكل أشكاله كما قلنا هو أحد أدوات المقاومة للمحتل من خلال توظيف الفن من أجل الدفاع عن القضية وحمل رسالة الشعب الفلسطيني بكل الطرق ومنها القصة والشعر والمسرحية والأغنية والأنشودة هذا أمر درجت عليه المقاومة الفلسطينية فحماس ليست بدعة عندما تريد توظيف الفن والأدب من أجل خدمة رسالتها وتحقيق أهدافها الوطنية والأخلاقية.
حماس تواصلت مع الأدباء والفنانين ليس من باب الاستحواذ عليهم أو جعلهم يدينون بأفكارها فهي تعلم أن المجتمع الفلسطيني فيه مشارب فكرية وسياسية متنوعة؛ ولكن دعواتها كانت تهدف من ورائها إلى توظيف كل الطاقات من أجل خدمة قضية اسمها فلسطين، فهي لم تزندق كتابا ولم تمنع مطبوعا أو ديوانا لأن كاتبه مختلف معها فكريا أو إيديولوجيا وليذهب كاتب التقرير إلى المطابع في قطاع غزة ويرى إذا كان هناك رقيب أو حسيب من وزارة الثقافة أو من حماس يجيز هذا ويمنع هذا فالجميع يطبع بكل حرية حتى عندما طالبت وزارة الثقافة من المؤلفين بأشكالهم وأنواعهم المختلفة بضرورة الحصول على رقم إيداع هو من أجل حفظ حقوق المؤلف من السرقة وهذا كان لصالح الكتاب وليس للحجر عليهم أو مصادرة منتجاتهم الأدبية والشعرية ولا توجد أي مصادرة لأي عمل أدبي أو فني أو حتى ملاحقة لأديب أو فنان على خلفية كتابة نصية أو شعرية.
أما الموضوع السياسي وما أطلق عليه معد التقرير الانقلاب الدموي واصفا إحداث 2007 فهي مسألة حشرت في غير مكانها والحديث فيها ليس هذا مجاله والتعقيب عليها بات من باب الترف أو القرف لأن الجميع يعرف من الذي كان يسعى للانقلاب على الشرعية وما أفرزته صناديق الاقتراع عام 2006 ولا أريد أن أزيد.
أما ما يدعيه الفنان شريف سرحان فاعتقد أنه غير واقعي وخير دليل الصورة التي صاحبت التقرير والتي شكلها فنان تشكيلي مستخدما الرمال ومخلفات الاحتلال الصهيوني وهي عبارة عن مجسمات لأشخاص ولو كان ما يدعيه سرحان لما تمكن هذا الفنان وغيرة من تجسيد ذلك بل الأمر تجاوز السماح للفنان التشكيلي بالعمل بل بتوفير كافة السبل لحماية عمله وتهيئة الأجواء له، أما موضوع المؤسسات وليعود سرحان إلى الاتحاد العام للمراكز الثقافية ويسأل عن مدى التعاون مع وزارة الثقافة التي تديرها حماس ليعرف أن ما يتحدث به بعيد عن الحقيقة ، وإذا كان عدم الحصول على الترخيص هو سبب الإغلاق كان الأولى بالمركز أن يقطع الطريق على المنع ويذهب ليرخص حتى يعمل وفق النظام والقانون.