في مشهد مأساوي ألّم بعائلات الأيتام في قطاع غزة، يقف الطفل مفيد سكر (12عامًا) تحت منصة من لوحين خشبيين متصل بهما حبل يلتف على عنقه، في مشهدٍ تمثيلي يدلل على الاجراءات التي اتخذها بنك فلسطين بحقه وعائلات الشهداء والأيتام.
ويصطف الطفل سكر بجانب أربعة أطفال آخرين يحملون أكفانهم "البيضاء" بين أيديهم، في رسالة منهم إلى بنك فلسطين مفادها أن "إجراءاتكم ستؤدي بنا إلى الهلاك، وأرواحنا معلقة بقراراتكم".
وقال سكر الذي توفى والده منذ عدة أعوام وبالكاد أن تخرج كلماته بسبب "المشنقة" التي التفت على رقبته: "بنك فلسطين ارتكب جريمة بحق عائلتي"، مشيرًا إلى أن والدته أصبحت المعيل الوحيد لأسرته المكونة من 5 أطفال.
وعلى بعد بضعة أمتار، تقف عائلاتهم وكأنهم يشاهدون مسلسل "الموت البطيء" لأطفالهم، نتيجة حرمانهم من أموالهم المستحقة لهم، ما أدى إلى تفاقم معاناتهم الاقتصادية والانسانية.
تلك المشاهد كانت أمام المقر الرئيسي لبنك فلسطين الواقع بالجندي المجهول وسط مدينة غزة خلال وقفة احتجاجية نظمتها رابطة المتضررين من اجراءات حجز أموال الكفالات، صباح الخميس.
الطفل سكر ليس الوحيد الذي كان ضحية تلك الممارسات، بل هناك مئات الأطفال الذين ذاقوا المرارة جراء منع تحويل كفالات الأيتام وذوي الشهداء.
أما الطفلة هنادي أبو عطيوي، ذات الحادية عشر ربيعًا، التي أبصرت على الحياة، وهي لا تعرف والدها قائلةً: "انولدت وما بعرف بابا".
وأوضحت أبو عطيوي لـ"الرسالة نت"، أنها جاءت تشارك في الاعتصام، لتطالب البنك بعدم منع الحوالات المالية القادمة إليهم من الدول المانحة، مضيفةً: "نعتمد على دخل المؤسسات الخيرية، نريد أن نعيش كباقي أطفال العالم، بكرامة وحرية".
الطفل بيان ابن الشهيد عادل هنية قال: "لقد أوجعني وقف تحويل كفالتي، وبنك فلسطين السبب في ذلك"، متسائلًا: "أهكذا يكافئ بنك فلسطين أبي الشهيد، الذي ضحّى من أجل حياة كريمة لشعبنا".
وبدوره ذكر محمد إمام متحدثًا باسم الأسر المتضررة: "لا يزال البنك ينتهج سياسة ممنهجة ويرتكب جريمة كبرى بحق الأيتام والشهداء، مؤكدًا استمرار الفعاليات ضد بنك فلسطين خلال الأيام المقبلة.
وطالب إمام في كلمة له خلال الوقفة، بنك فلسطين بالتراجع عن قراراته بحق الشهداء والأيتام، محذرًا إياه من التصعيد الذي ستتجه له العائلات المتضررة، إذا لم يتم إرجاع الحوالات لإصحابها.
ونتج عن اجراءات بنك فلسطين وقف 40 ألف كفالة للأيتام والفقراء تقدر بـ 2 مليون دولار شهريًا، وتضرر 11 مدرسة خيرية للأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى عدم تقديم مساعدات لـ 20 ألف طالب من طلاب الجامعة.