قائمة الموقع

مقال: قراءة في تقرير التشريعي حول أموال غزة المنهوبة

2015-06-14T09:41:56+03:00
غزة تشكل مورد مالي مهم جداً للسلطة
اياد خالد الشوربجي

تقرير لجنة الرقابة في المجلس التشريعي حول "موازنة السلطة لسنة 2014، تكريس للحصار على قطاع غزة"، والذي تم مناقشته خلال جلسة المجلس المُنعقدة في 3/6/2015، هو تقرير بالغ الأهمية بما تضمنه من حقائق وأرقام ذات دلالات واضحة، تعكس حجم الظلم والاستغلال الذي يتعرض له المواطن في غزة، الذي توظَّف معاناته بشكل بشع، من قبل من يفترض أن يكونوا عوناً له.

تكمن أهمية التقرير في كونه كشف حقائق ربما غابت عن المواطن الفلسطيني لفترة طويلة، وأنه يُبرِز الحجم الحقيقي للمساهمة المالية للمواطن الغزي في خزينة السلطة، في الوقت الذي يعاني هذا المواطن أزمات مُعقدة ومتفاقمة نتيجة الحصار. كما أن التقرير مُعدّ بطريقة مهنية، حيث اعتمد على المعلومات الموثقة أكثر من التحليل. بالإضافة إلى ذلك، فإن التقرير الذي يُعتبر وثيقة رسمية صادرة عن جهة سيادية، يمكن عرضه على كافة المحافل التي تهتم بالعدالة وحقوق الانسان، ومن ثم البناء عليه أو تقصي الحقائق التي وردت فيه.

كشف التقرير الذي اعتمد بالدرجة الأولى على البيانات الفعلية والحسابات الختامية المنشورة من قبل وزارة المالية في رام الله، عن العديد من الأرقام والنسب الهامة المتعلقة بأموال قطاع غزة، خصوصاً فيما يتعلق بحجم الإيرادات والنفقات التي تحققت خلال العام 2014، وقد ورد في خلاصة التقرير العديد من الدلالات المهمة، من أبرزها:

الدلالة الأولى: فاق حجم الايرادات التي حققتها السلطة خلال العام 2014 من قطاع غزة بدون المنح والمساعدات مبلغ المليار دولار، بلغت نسبة المقاصة منه حوالي 95%،  في حين بلغ إجمالي نفقات السلطة على قطاع غزة حوالي 940 مليون دولار، وبالتالي فإن الفائض المتحقق وصل إلى حوالي 73 مليون دولار. إذن فإن فاتورة النفقات التي دفعتها السلطة لقطاع غزة، والتي ذهب حوالي 69% منها لتغطية رواتب موظفيها في غزة، ومعظمهم من المستنكفين، يتم تغطيتها بالكامل من جيوب أبناء قطاع غزة، بل أن السلطة قد حققت فائضاً مالياً.

الدلالة الثانية: بإضافة نصيب غزة من المنح والمساعدات الخارجية والذي بلغ 540 مليون دولار، يصل إجمالي الايرادات التي تحققت إلى 1.55 مليار دولار، وهذا المبلغ يكفي لتغطية كافة مصروفات السلطة على غزة، والتي بلغت كما قلنا 940 مليون دولار، بالإضافة إلى تغطية كافة النفقات الناتجة عن الحكومة السابقة في غزة، والتي تصل إلى حوالي 600 مليون دولار سنوياً. مع العلم بأن غزة تعتبر بوابة مهمة لجلب المساعدات الخارجية، وأن معظم هذه المساعدات تأتي أصلاً لدعم الموازنة، لتغطية النفقات الجارية.

الدلالة الثالثة: الحصة المفترض أن تحصل عليها غزة من واقع الموازنات السابقة لما قبل الانقسام هي 40% تقريباً، وبالتالي فإن نصيب غزة من حجم النفقات يفترض أن يبلغ 1.4 مليار دولار، غير أن إجمالي المصروف من قبل السلطة على غزة بلغ 940 مليون دولار، أي بواقع 27% فقط من حجم الانفاق في أحسن الأحول، وليس 49% كما تقول السلطة، في حين بلغت نسبة الإنفاق على الضفة حوالي 73% من إجمالي النفقات. وذلك على الرغم من الأوضاع المأساوية في غزة نتيجة الحصار المضروب عليها، والحروب المدمرة التي شُنت عليها، والتي توجب مقابلة ذلك بزيادة حجم الإنفاق الكلي لتحسين أوضاعها، الأمر الذي يكشف اختلال كبير وعدم عدالة في التوزيع.

خلاصة القول فإن غزة تشكل مورد مالي مهم جداً للسلطة لا يقل عن 40% من إجمالي إيراداتها، وفي المُقابل فإنها لا تتلقى إلا الفتات من موازنة السلطة، وأن ما يُنفق عليها هو أصلاً يتم تحصيله من جيوب أبنائها وليس منَّة من أحد. لذلك فإن هذا الواقع يشكل حالة من الارتياح للسلطة، بل أنها تعمل على تكريسه.

وبالتالي فإن استمرار السكوت على هذه الأوضاع من مختلف المكونات الوطنية يُعتبر مشاركة في الجريمة، لذا يتوجب على كل الحريصين على إنهاء مأساة غزة، أن يسعوا فوراً إلى عقد مؤتمر وطني لإنقاذها، يعمل على وضع التصورات والآليات العملية والواقعية للخروج من الحالة الراهنة، وربما يكون من بين مُخرجاته تشكيل هيئة وطنية لإدارة قطاع غزة، أو الوقوف على تمكين حكومة التوافق من استلام مهامها أو انهاء وجودها وإيجاد البديل، وفق رؤية وطنية جامعة.

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00