حكومة الحمد لله (الوفاق الوطني) لم تكن حكومة ولا نريد أن نزيد في ذلك الأمر، وإن كان لابد من تشكيل حكومة جديدة من المفترض أن تكون حكومة قوية تستند على القوى والفصائل جميعا بما يحقق عنصر التوازن والتأثير على الأرض، وأن لا يكون محمود عباس مرجعية هذه الحكومة ، وهذا يتطلب سرعة انعقاد وتشكيل الهيئة القيادية العليا والمشكلة من أمناء القوى والفصائل كي تكون المرجعية لهذه الحكومة ومرجعية لكل القرارات السيادية الفلسطينية على مبدأ الشراكة السياسية وتوزيع المسئوليات بما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني، أما الاستفراد والتسلط وإبقاء الأمر بيد محمود عباس فهذا يحتاج إلى إعادة نظر إذا أريد لهذه الحكومة أن تقوم بدورها على أكمل وجه، هذه الحكومة عليها أن تعتمد قاعدة كل أبناء الشعب الفلسطيني سواء، وأن الاحتلال عدو، والتعامل مع العدو له طرقه ووسائله المختلفة.
بعد كل هذا الفشل في الأفق السياسي وضياع كل الفرص لبناء وحدة فلسطينية قائمة على الاحترام وتحمل المسئولية حبا بالاستفراد والتسلط كان لابد من إعادة التفكير بالطريقة التي تدار فيها الأمور لأن الاستمرار على نفس النهج والطريقة هو استمرار في التدمير للذات الفلسطينية وضياع للقضية أو وضعها على سكة التيه الذي سيمد عمر الاحتلال ويجعل يديه طليقة يفعل ما يشاء لأننا لا نواجهه موحدين.
علينا أن نحذر من أن يكون الدافع لدى محمود عباس هو (فوبيا حماس) والاتفاق مع (إسرائيل) على تهدئة ومطار وغير ذلك بعيدا عن السلطة وكأن هناك اتفاق حقيقي، ولو كان الأمر كذلك لما وجدنا تلك التسهيلات التي أعلن عنها الاحتلال والهادفة إلى تفريغ السلطة من مهامها ووجودها في الضفة الغربية ووجدنا ذلك ممارسا مع قطاع غزة كنوع من الإغراء؛ ولكن الاحتلال يريد أن ينقذ نفسه بعد أن اشتدت الهجمة عليه وعلى سلوكه مع الشعب الفلسطيني وخاصة في ظل حكومة نازية فاشية متطرفة ويريد أن يفلت من دعوات المقاطعة في كافة المجالات وهو يصدر هذه القرارات والتسهيلات في الضفة الغربية لتهدئة الرأي العام الدولي ويطلق العنان للصحافة العبرية أن تتحدث عن اتفاق تهدئة في قطاع غزة مع حماس طويل الأمد ، وكلا الأمرين فيهما خلط كبير وتضليل يجب علينا أن لا ننخدع به وأن نحذر من الوقوع فيه وأن لا تكون خطواتنا ردا على ما يسعى له الاحتلال بل علينا أن نبني خطوات على أساس من القناعة أن المسارات الماضية لم تكن سليمة بدليل النتائج التي وصلنا إليها.
على القوى والفصائل الفلسطينية أن تكون هذه المرة على قدر المسئولية، وأن يكون لها دور بارز في تصحيح المسار والانطلاق نحو العمل الجاد لبناء عمل سياسي فلسطيني وحدوي قائم على الاحترام والشراكة وأن لا تترك الأمور أن تسيير كيفما كان أو وفق هوى هذا القائد أو ذاك حفاظا على مصالح أو مكتسبات يدفع الوطن كل الوطن ثمنها.
على هذه الحكومة القادمة لو قدر لها أن تكون أن تكون حكومة لكل الشعب الفلسطيني وليست حكومة على مزاج طرف دون طرف ، وان تكون خيوطها بيد لم تعقد قادرة وتنطلق من منطلقات خاطئة، هذه الحكومة يجب أن يكون من أول مهامها هو إعادة الاعتبار للمواطن الفلسطيني، والعمل على توحيد المؤسسات الفلسطينية المختلفة ، العمل على إزالة آثار الانقسام وتبعاته من معابر وموظفين ونظم وقوانين ومحاكم وقضاء وغيرها، تهيئة الأجواء الداخلية من أجل إجراء انتخابات شاملة لكل المؤسسات الفلسطينية ، إعادة النظر في اتفاق أوسلو ووقف التعاون الأمني مع الاحتلال ، ثم العمل على بناء إستراتيجية سياسية فلسطينية موحدة قائمة على الثقة المتبادلة وليس على الشك في النوايا، هذا العدو لن يمنحنا حقوق ولن يسمح لنا بإرادته أن نقيم دولتنا ويريد أن يحكم سيطرته وتحقيق مشروعه الصهيوني العنصري ليس على جزء من أرضنا بل على كل أرضنا وله أطماع خارج حدود فلسطين فلا يجدي معه السلام أو التفاوض حتى لو تنازلنا عن كل شيء.
كل عام وأنتم بخير بمناسبة شهر رمضان داعين الله أن يكون هذا الشهر شهر الوحدة وإنهاء الانقسام وتوحيد الوطن كل الوطن.