في سن صغيرة أتمت الشقيقات الفلسطينيات الثلاث زينب وبيان وابتهال حفظ القرآن الكريم، وأصبحن يشرفن على تعليمه، وهو ما جعلنهن موضع غبطة كثيرين في محيطهن الأسري والتعليمي والاجتماعي.
ولا تسعى الشقيقات لأكثر من هذا الفضل والخير، فقد التحقن بدار القرآن الكريم بقبلان في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، وأتممن الحفظ خلال ثمان سنوات.
تقول زينب (22 عاما) للجزيرة نت إنها لا تشعر بسعادة مثل تلك التي تعيشها نتيجة حفظها لكتاب الله، لما فيه من تيسير لأمور حياتها دون أن تستصعب هي وأي من شقيقاتها شيئا.
وأضفى الحفظ عليهن تنظيما واستثمارا جيدا لأوقاتهن بحفظ الورد اليومي والتوفيق بين العمل المنزلي والدراسة، حتى بتن من المتفوقات في دراستهن بمراحلها الأساسية والجامعية.
تميز وإبداع
ولجأت زينب خلال دراستها الصيدلة بجامعة النجاح في نابلس لملتقى القرآن الكريم في الجامعة وتمكنت من متابعة الحفظ والمراجعة إلى أن أضحت بعد تخرجها معلمة بمركز "دار القرآن" ببلدتها.
وتشير الفتاة إلى أن ما يهمها وشقيقاتها الآن هو مواصلة الحفظ والدخول في مرحلة التثبيت بحيث تلزم نفسها بمراجعة وحفظ عدة أجزاء يوميا، وأكدت أن التثبيت بات أسهل بالنسبة لها خلال عملها محفّظة في دار القرآن.
أما شقيقتها بيان (20 عاما) فقد أتمت التثبيت بعد الحفظ مباشرة، وجعلها ذلك أكثر حظا في الترشح للمسابقات والمشاركات المحلية والدولية التي كان آخرها قبل أسابيع قليلة، حيث مثلت فلسطين في المسابقة الهاشمية الدولية لحفظ القرآن في الأردن وحظيت بالمركز الرابع.
وتقول بيان التي تدخل سنتها الجامعية الرابعة في الهندسة الصناعية، إن مرحلة التثبيت مهمة وقد ميزتها عن شقيقاتها وأصبحت مشرفة على التحفيظ في الجامعة.
وأضافت أن حفظ القرآن "هو حياة متكاملة ودستور مطلق نتعلم منه الكثير ويؤنس وحدتنا ويعزز صلتنا بكل شيء"، وتؤكد أن انخراطها في المسابقات ولّد لديها شعورا بالمسؤولية وشجعها على متابعة الحفظ، إذ كان عليها في مشاركتها الأخيرة في عمّان الإلمام بتفسير ثلاثة أجزاء إضافة إلى الحفظ، وقد أبدعت في ذلك أيضا.
وتتبع الفتيات أسلوبا مميزا في الحفظ عبر المراجعة اليومية لأجزاء وإلحاق القديم بالجديد، في محاولة للوصول لمرحلة التثبيت والحصول على إجازات في الحفظ.
قلة الدعم
وتأمل الشقيقات في نمو وتقدم "دار القرآن" وصولا لتدريس علوم أخرى كالتفسير والحديث والإجازة بالتجويد، كما يتحدثن عن فضل أسرتهن بعد الله لا سيما والدتهن التي لم تستسلم لأعباء العيش وقساوة الحياة وأفنت جزءا كبيرا من عمرها عاملة بأحد مخابز القرية.
وتقول الوالدة أم عبد الله إن كل معاناتها تهون أمام إنجازات بناتها، وإنها تحاول تعويض ما فاتها هي في الحياة بأبنائها وبناتها خاصة وأن أحد أبنائها الاثنين بات يحفظ حتى الآن 15 جزءا من القرآن الكريم.
وساهمت دار القرآن منذ تأسيسها قبل أكثر من ربع قرن في تخريج عشرات الحافظين لكتاب الله، رغم مرورها بأزمات كادت تعصف بها لولا وجود حريصين على النهوض بشباب القرية وفتياتها في حفظ القرآن. وهي تواجه الآن تحديات جمة أبرزها قلة الدعم، كما يقول مديرها فواز أقرع.
ويشير أقرع إلى أن الاحتلال أغلق الدار عام 2008 لمدة عامين وصادر محتوياتها التي قدرت بأكثر من 60 ألف دولار. وأكد أن ذلك أعاق المسيرة ولكنه لم يوقفها.
وأضاف "استأنفنا العمل وبات لدينا أكثر من 20 شعبة صفية يتخرج منها أكثر من 15 حافظا وحافظة سنويا، كما نستهدف الأمهات حيث لا يقتصر عملنا على صغار السن فقط".
الجزيرة نت