ابنة المطارد تنتزع فرحتها تحت عين المحتل!

عائلة المطارد منير الحروب
عائلة المطارد منير الحروب

الرسالة نت - محمود هنية

منذ أن تفتحت عيناها على الدنيا وعلى مدار ثمانية عشر عامًا من عمرها، لم تعانقه لحظة واحدة، ولم تكتحل عيناها برؤيته ولو بنظرة عابرة، هي شخصيته التي تخيلتها من قصص أمها وما تخبرها عن والدها ابرز مطاردي الضفة المحتل وأحد قياديي كتائب الشهيد عز الدين القسام.

الطالبة المتفوقة "اريج منير الحروب"، تجسد دور البطل لحكاية امتزجت فيها مرارة الحرمان من الأب، وما أعقبها من ملاحقة ونزوح دائمَيْن هربًا من الاحتلال.

جاءت اللحظة التي تكتوي فيه "اريج منير الحروب"، بلهيب دموع الشوق، على فراق والد حرم قهرًا من مشاركتها لحظتين من لحظات العمر، الأولى خطبتها إلى ابن عمها قبل عدة أشهر، والثانية لحظة تفوقها في الثانوية العامة وحصولها على معدل 93% في الفرع العلمي.

اريج وعائلتها لم تترك محافظة في الضفة إلا ولجأت إليها، فلم تسلم هي الأخرى من المطاردة، ودفعت ثمنًا باهظًا لأجل ذلك، لدرجة أن مخابرات الاحتلال وضعت أدوات تجسس في ملابس أبناء الحروب ومنهم اريج أثناء صغرها وأمام منزل العائلة !

تقول اريج لـ"الرسالة"، "شعوري بالخوف لم ينقطع، فهو مشترك بين الاستعداد للتوجيهي ومداهمات الاحتلال لمنزلنا بشكل متواصل".

شعور لم يفارق أريج وعائلتها حتى في اللحظات الأخيرة لإعلان النتائج، فمع كل اتصال كان يأتيهم، تقف العائلة كلها على قدم واحدة، أبصارها شاخصة نحو الهاتف، ذلك كله يعد طبيعيًا، لاسيما أن حياة والدهم المطارد قد تنتهي في أي لحظة أو يصيبه مكروه.

وتضيف اريج: "لن تتصوروا الشعور حينما يرن هاتف المنزل، حالة من الرعب والقلق تجتاح منزلنا خشية الابلاغ عن مكروه أصاب والدي (..) ذلك وحده كفيل بأن ينسيني همّ النتائج".

لكنّها أبت إلّا أن تنتزع فرحتها، فور وصول نبأ تفوقها الباهر، لحظات تحولت فيها دموع النجاح إلى دموع القهر والحرمان التي طغت على مشاعرها، كفتاة تكبر في كل يوم دون أن تكبر معها القبلة الأولى التي طبعها والدها في وجنتيها يوم والدتها وكان اللقاء الأخير.

وفور سماع الخبر، تمنت اريج لو أنها عانقت والدها لتسأله "هل رفعت رأسك يا أبي بهذا المعدل؟!"، ثم سكتت هنيهة وتقول وهي تروي حكايتها للرسالة " خشيت لو ان والدي عاتبني على معدلي فتوقعت معدلًا أعلى".

لم تكمل اريج قصتها، فالدموع تولت دور المتحدث، ثم تسللت من بين دموعها عدة كلمات " أريد ابي، يا كل العالم أريد أن يعيش معنا أن يحيا بيننا، ثم توقفت عن الحديث!

وتحت إصرار والدتها، عبّرت الطفلة المدللة لأمها عن امنيتها بأن تلتحق بالهندسة، نزولًا عند رغبة والدها الذي عشق يومًا هذا التخصص وكان يتمنى لو التحق به.

أريج البنت البكر للمطارد الحروب، تتعاظم أمانيها بأن تحقق حلم والدها المغيّب قهرا عن عائلته، لترسل لوالدها رسالة فحواها: "سأبقى على العهد ليرتفع شموخك يا أبي وتزداد رفعة، كما رفعنا رؤوسنا بك".

ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها عائلة الحروب، نظرًا لانقطاع راتب والدها والملاحقة التي تتعرض لها العائلة على يد الاحتلال، إلّا أن والدتها أم معاذ، تصر على تعليم ابنتها ونجلها معاذ مهما كلفها من ثمن.

وتشتكي عوائل المطاردين في الضفة من عدم وجود مؤسسات تعتني باحتياجاتهم، على غرار المؤسسات التي تعنى بالأـسرى والشهداء.

اريج وأمها تمنيتا أن تدرج المقاومة ملف والدها القيادي المطارد ضمن ملفات أي صفقة مقبلة، تضمن انهاء سنوات مطاردته.

البث المباشر