غزة - فايز أيوب الشيخ –الرسالة نت
كشفت مصادر دبلوماسية عربية أن ضغوطًا أمريكية وأوروبية تمارس على عددٍ من العواصم العربية لاستقبال القيادي الفتحاوي محمد دحلان بزيارات رسمية معلنة.
وأكدت المصادر أن أحد مساعدي وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" أجرى بنفسه اتصالاتٍ مع عدد من المسئولين ووزراء الخارجية العرب لحثهم على ضرورة استقبال دحلان.
المطلب الأمريكي الأخير اعتبره المراقبون والساسة فرضاً لدحلان كرجل أمريكا والكيان الصهيوني في فلسطين، خاصة أن صورة محمود عباس ودوره أصبحا باهتين بشكل غير مسبوق في المشهد السياسي الفلسطيني خلال الأسابيع الأخيرة".
فكرة قديمة قائمة
ويأتي الحراك الأمريكي في الوقت الذي تعصف فيه قضية استحداث منصب نائب الرئيس الفلسطيني باجتماعات اللجنة المركزية لحركة فتح، حيث كشفت مصادر صحفية فلسطينية، أن دحلان وسلام فياض يسعيان لتولي المنصب الذي بحثت اللجنة المركزية للحركة استحداثه تحسبًا لأي مكروه قد يصيب الرئيس منتهي الولاية.
و أكد النائب المستقل في المجلس التشريعي الدكتور حسن خريشة ما نفته قيادة فتح، أن فكرة منصب نائب الرئيس عادت للتداول في أروقة السلطة مجدداً، مشيراً إلى أن استحداث منصب نائب الرئيس كان قد عرضه محمود عباس على المجلس التشريعي الأول.
وذكر خريشة لـ"الرسالة نت"، أنه في حينها تم دعوة رئاسة المجلس الذي كان يشغل فيه خريشة منصب النائب الأول لرئيس التشريعي وبعض المؤثرين في المجلس للقاء عباس الذي طرح عليهم أن يكون هناك نائب للرئيس .
ونفت حركة فتح على لسان أحد قادتها في حديث مقتضب لـ"الرسالة نت"، ما تردد عن صحة وجود مناقشات داخل مركزية فتح حول اختيار واستحداث منصب نائب للرئيس، واكتفى عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمود العالول بالقول "أنه ليس لدى حركة فتح نية لاستحداث هذا المنصب أصلاً، حيث لم تعقد أية اجتماعات ومناقشات بهذا الشأن".
أما القيادي بحركة فتح قدورة فارس، فقد اعتبر نفسه خارج دائرة القرار الأولى لحركته وغير قريب من الذين يفكرون في استحداث المنصب ، وقال:" بالتالي لا أستطيع أن أؤكد ولا أنفي أو أصحح وليس لدي معلومات حقيقية"، حسب تعبيره.
وعند سؤال "الرسالة نت" لفارس عن حقيقة الضغوط الأمريكية والأوروبية التي تمارسها على عدد من العواصم العربية لاستقبال دحلان بزيارات رسمية معلنة، رد قائلاً:"لا أعلم عن استقبالات رسمية لدحلان"، لكنه بالمقابل اعتبر أنه من الطبيعي أن تستقبل العواصم العربية سلام فياض باعتباره "رئيساً لحكومة فتح".
وأشار إلى أن أبو مازن عندما كان رئيساً للحكومة في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات كان يتم استقباله في العديد من العواصم العربية ولم يكن ذلك محل تساؤل أو خلاف، مبيناً أن عباس قال بشكل واضح في الاجتماع الأخير للمجلس الثوري لحركته "أن الموضوع السياسي هو مسئولية منظمة التحرير وليس مسئولية الفصائل ولا الحكومات".
واعتبر فارس أن هناك تقصيرا من جانب عباس فيما يتعلق بالزيارات الميدانية واللقاءات مع فئات المجتمع المدني، الأمر الذي أتاح لفياض أن يلعب هذا الدور ويملأ الفراغ ويلفت إليه الأنظار من خلال المشاركة في المناسبات والفعاليات الفلسطينية المختلفة كحراثة الأرض وقطف الزيتون مع المزارعين مثلاً.
مخاوف فتحاوية
النائب خريشة أكد أنه عند سؤال التشريعي لعباس عن أسباب طرحه لمنصب نائب الرئيس حينها، رد عليهم بالكثير من الدوافع والمبررات غير المقنعة، مؤكداً أن هذا الطرح لمنصب نائب الرئيس لم يتم الاتفاق عليه رغم أن عباس أكد في حينه أنه سيتم عرض الأسماء المرشحة على المجلس التشريعي ليحصل صاحب هذا المنصب على مصادقة ثلثي الأعضاء.
وكانت مصادر صحفية فلسطينية، كشفت عن مسئول في اللجنة المركزية لحركة فتح ، قوله إن خلافاً كبيراً نشب أكثر من مرة بين أعضاء اللجنة بسبب اختلافهم على تسمية نائب للرئيس وأن الصراعات الداخلية بين الأعضاء حالت دون اتخاذ القرار، مشيراً إلى أن عباس اقترح منذ فترة تسمية محمد غنيم أمين سر اللجنة المركزية في هذا المنصب ولكنه لم يحظ بقبول عدد من أعضاء اللجنة خاصة دحلان.
ووفق المصدر ذاته، فإن دحلان يضغط باتجاه استحداث المنصب تحسبًا لأي شيء قد يصيب عباس, وخوفاً من انتقال صلاحيات الرئيس مؤقتًا حسب الدستور الفلسطيني لرئيس المجلس التشريعي عزيز دويك.
احتيال على الدستور
وأكد النائب خريشة أن استحداث هذا المنصب، نابع من مخاوف معينة لدى حركة فتح من أن غياب الرئيس بشكل أو بآخر يفتح الباب واسعاً لتنفيذ القانون الأساسي الذي ينص بشكل واضح "أنه في حالة غياب الرئيس بالوفاة أو ما شابه ذلك يتم تنصيب رئيس المجلس التشريعي ليكون رئيساً للسلطة لمدة ستين يوماً يجري خلالها التحضير لإجراء الانتخابات لرئيس السلطة" .
وقال خريشة:"هم يستطيعوا أن يسموا الأسماء لكن المجلس التشريعي يكون الجهة الوحيدة القادرة على تنصيب نائب رئيس السلطة لأن هذا المنصب يتطلب صلاحيات لهذا النائب، وبالتالي هذا بحاجة إلى المجلس التشريعي لإقراره"، معتبراً أن المجلس التشريعي غائياً ومغيباً في هذه المرحلة وحتى إذا انعقد في تركيبته الحالية فإنه لا يستطيع إقرار هذا المنصب وتمريره إلا إذا جاء في إطار توافقي فلسطيني وخاصة بالتوافق بين القطبين الأكبر فتح وحماس.
وأشار خريشة إلى أن هناك تحضيرات واضحة في الضفة الغربية لملء سلام فياض منصب رئيس السلطة وليس أقل منها، مستشهداً بمحاولات الأخير خطف الأنظار له سواء بإعلانه عن إقامة دولة فلسطينية وبناء المؤسسات.
وتابع خريشة :"بالرغم من أن عباس حتى اللحظة يشغل منصب رئيس السلطة، إلا أن من نصبه رئيساً للوزراء تجاوز كل الحدود وتناسى أن دوره تنفيذي فقط وانتقل للدور السياسي، بحيث أصبح فياض يصرح تصريحات سياسية ويتحدث عن حلول سياسية سواء في قضية اللاجئين أو بالدولة الفلسطينية وغيرها".
وعلق خريشة بالقول:" إن هذا الدور لم يأخذه فياض من أحد بل أنه بالعكس يتحرك ويتحدث عن دوره من خلال رضا المجتمع الدولي وتحديداً الإدارة الأمريكية ومن خلال أيضاً الرضا غير المبطن من القيادة الفلسطينية الحالية سواء منظمة التحرير أو الرئيس نفسه"، مستذكراً ذهاب فياض إلى مؤتمر هرتسيليا للأمن الإسرائيلي في تل آبيب وعودته في نفس الليلة بينما كان اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قائماً ولم يعلق أحداً من أعضاءها على الزيارة ولم ينتقدوا سلام فياض لذهابه إلى هرتسيليا.
اليسار:القانون لا يسمح
من جهته اعتبر عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية تيسير خالد، أن لا أحداً يفكر في استحداث منصب نائب الرئيس، قائلاً:"لا الرئيس ولا مؤسسات منظمة التحرير تفكر في هذا المنصب ولم يطرح من أساسه" .
وشدد لـ"الرسالة نت"، أن القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية لا يسمح بتنصيب نائب رئيس ولا في النظام الأساسي منظمة التحرير.
خالد الذي اعتبر أن الموقف السياسي للرئيس المنتهية ولايته "موقفاً جيداً"، أكد أن صورة عباس مازالت باقية وموقعه السياسي موجود، متسائلاً:" لماذا في الوقت الذي يكون فيه موقف سياسي جيد عند القيادة الفلسطينية تُثار أسئلة من هذا النوع!؟".
الجدير ذكره أن اسم دحلان تردد خلال عملية اغتيال محمود المبحوح في دبي بعد أن كشف القيادي في حماس محمد نزال أن الفلسطينيين المتورطين في العملية على علاقة به.