عند الساعة الثانية والنصف فجرا، هبت الحاجة أم محمد من فراشها لحظة سماعها الآذان الأول نحو المطبخ، لتعد سفرة السحور للعائلة، إلا أنها استفتحت يومها بـ"حسبنا الله ونعم الوكيل علي كان السبب" بعد اكتشافها ان الكهرباء لم تنر البيت منذ ساعات.
في غزة.. "حظك نصيبك" فإما ان تفطر أو تتسحر بحضور الظلام، فيما يزورك أحيانا في كلا الوجبتين، فيكون ضيفا ثقيلا على العائلة والأم معدة الوجبات على وجه الخصوص.
الحاجة أم محمد خليل تعد السحور لـ11 فردا مجموع أبنائها بعضهم متزوجين، تقول في حديثها لـ"الرسالة نت": "نعاني أثناء إعداد الطعام في ظل انقطاع الكهرباء فأنا بالكاد أقوى على النظر بوجود الكهرباء".
ويتعكز الغزيون لسدّ فراغ الكهرباء، على الكشافات اليدوية إضافةً لما يعرف بـ"الليدات" إلا أنها تحتاج للشحن بشكل دوري ومستمر، وهذا ما يتعارض مع الانقطاع المتواصل للكهرباء عن كافة انحاء قطاع غزة.
وتتحسس الخمسينية أم محمد أدوات المطبخ بيدها اليمنى، في الوقت الذي تنشغل يدها الأخرى في حمل الكشاف، والتي عبرت عن ذلك بقولها: "بكون تائهة في المطبخ، إنارة الكشاف لا تكفي بتاتا".
وتعمل الكهرباء في قطاع غزة في أحسن أحوالها على جدول 8 ساعات وصل مقابل أخرى مثلها قطع، فيما تنحدر لـ6 ساعات وصل مقابل ضعفها قطع حال تأخر السولار الصناعي الذي تعمل عليه محطة التوليد الوحيدة في غزة.
حال نسرين عابد لم تكن أفضل حالا من أم محمد، إذ من سوء حظها لم ترافقها الكهرباء في إعداد السحور منذ بداية رمضان إلا مرات معدودة، والتي عبرت عن استيائها من ذلك بقولها: "ما بنطلب اشي كبير، بدنا كهرباء في أوقات السحور والفطور لنقدر نعد سفرة الأكل لأولادنا".
ويتزامن شهر رمضان مع وجود الولائم ودعوة الأقارب على تناول الطعام إلا أن الأربعينية نسرين تحدثت عن تعرضهم للإحراج في تلك المناسبات بسبب غياب الكهرباء ونفاذ شحنات البطاريات.
وأكدت مصادر في شركة الكهرباء لـ"الرسالة نت" أنها تسعى جاهدةً لأن توصل الكهرباء لأكبر عدد من المناطق في أوقات الافطار والسحور، إلا أن الضغط الشديد على الأحمال يؤدي لفصل الكهرباء عن عدد من المناطق.
وأشار المصدر إلى أن مشكلة الكهرباء تزداد مع حلول شهر رمضان الذي أصبح يتزامن مع فصل الصيف الذي يستلزم الكهرباء لتشغيل المكيفات والمراوح في المنازل، مما يشكل ضغطا مضاعفا على شبكات الكهرباء الضعيفة أصلا.
معاناة الكهرباء التي ترافق الغزيين في كل المواسم، ولا تعرف مريضا ولا طالبا ولا مسنا، لم ترحمهم أيضا في رمضان، لتصبح أشبه ما تكون بالمرض المزمن الذي لا شفاء منه إلى أن يشاء الله.