بمجرد انتهاء اليوم الأول من عيد الفطر المبارك، حطت عائلة أبو مؤمن صلاح رحالها على شاطئ بحر غزة لقضاء ثاني أيام الإجازة داخل خيمة نصبت بإحكام بالقرب من مياهه، لتحميهم من أشعة الشمس الحارقة بعد وصولهم منذ ساعات الصباح الأولى.
قبل اقتراب قرص الشمس من كبد السماء بساعات، نزلت العائلة التي التقتها "الرسالة" إلى المياه للاستجمام لتجد قناديل البحر الكثيفة في استقبالها تلتصق بأقدامهم دون إنذار، لم يسعف الوقت السيدة أم مؤمن للخروج من المياه دون أن تحرقها بإفرازاتها الكيميائية، ليفسد الضيف الثقيل على بحر غزة رحلة العائلة بعد أن نقلت الأربعينية للمستشفى إثر اصابتها بحروق.
ما إن تقترب من البحر، بالكاد تستطيع أن تشاهد أحداً يمارس السباحة على الشاطئ الذي اعتاد خلال أيام الصيف على استجمام آلاف المواطنين فيه، هرباً من الحرارة المرتفعة، لكن حالة من الامتعاض فرضتها الكائنات الرخوية على سكان المدينة المحاصرة بعد أن عزفوا عن التمتع بالمتنفس الوحيد لها.
يرى الصياد أبو هاني سعدالله، أن هذا الصيف هو الأكثر كثافة في هجرة القناديل منذ أن ارتاد بحر غزة قبل ما يزيد عن 50 عاماً، بحيث لم يسبق لها الانتشار على الشاطئ بهذه الأعداد والأحجام الضخمة، ما جعله يقضي معظم وقته بالقرب من المياه مقدماً النصائح للمواطنين بعدم السباحة، لما سيلحق بهم القنديل من أضرار.
"من يأخذ بنصيحتي يكسب، ومن يجبره حب السباحة لتركها يخرج نادماً بعد لحظات قليلة"، هكذا أخبرنا الصياد الستيني بأن وقته يمضي وهو يراقب من أخذ بالنصيحة ومن تركها وخرج ملدوغاً، ولم يخف أن القناديل ألحقت به وبمعظم الصيادين الأذى، بحيث من المستحيل أن ينصب شباك صيده، لامتلائها بهذه الكائنات بعد وقت قصير، ما يجعلهم غير قادرين على إخراجها.
وبحسب موسوعة ويكبيديا فإن القناديل عبارة عن "حيوان بحري من الرخويات يصنف في شعبة اللاسعات، شكله عبارة عن قرص شفاف ، قوامه هلامي وله أطراف طويلة وهو بسيط غير معقد بحيث لا يحتوي على رأس أو نظام هضمي طبيعي أو أعضاء تركيبية، يتبع اللافقاريات، يشكل الماء نسبة عالية من جسمه لما يصل إلى حوالي 95% من وزنه".
ويطمئن د. زياد أبو دقة الاستشاري بالأمراض الجلدية المواطنين، بأن قناديل البحر الأبيض المتوسط رغم تعدد أنواعها، إلا أنها غير سامة، ولكنها تسبب حساسية جلدية وتترك أعراضاً كالحرقان، والاحمرار، والتورم، وحكه شديدة على الجلد المصاب"، وتظهر على جسم الإنسان بعد لدغه بفترة بسيطة.
وتشتد أعراض اللدغ لمن لديهم إصابة من حساسية جلدية، ومن الممكن ان تسبب القناديل حروقا من الدرجة الأولى أو الثانية، ويجمع مختصون على ضرورة عدم استخدام الرمال في إزالة أثر القنديل كونها تعمل على زيادة بقعة المادة الكيميائية، وأن استخدام مياه البحر أفضل من أي شيء آخر لإزالة أثر الإصابة شرط الابتعاد عن المكان الذي توجد فيه القناديل.
وتنتشر القناديل على شاطئ بحر غزة كل عام منذ مطلع شهر يوليو وتبدأ بالتقلص مع دخول شهر أغسطس، ويجمع صيادون وخبراء في البحر التقتهم "الرسالة"، أن العام الجاري يعتبر الأكثر انتشاراً لها، بحيث ظهرت أنواع جديدة ذات أحجام أكبر من المعتادة وتسبب لدغتها حروقاً من الدرجة الثانية، لذلك يفضل المواطنون انتظار انتهاء انتشارها ثم العودة إلى السباحة.