لا يزال موظفو غزة يتجرعون ألم المعاناة يومًا بعد يوم، ويتكبدون مرارة الحرمان والجوع والنقص في توفير أدنى احتياجاتهم، بفعل تنكر السلطة ورئيسها محمود عباس لوجودهم الوظيفي، ورفض حكومته اعتمادهم أو صرف رواتبهم.
وترك الموظفون وحدهم على مدار 52 يومًا في اشرس عدوان واجهه الغزيون على مدار العقود الماضية، ورغم مرور عام على ذلك العدوان لم يتغير موقف الحكومة فهي لازالت تتنكر لحقوقهم، في ظل نزوح عدد كبير منهم وما كابدوه.
ابو محمد التركماني هو واحد من اولئك الذين اضطروا للبقاء نازحًا في مدارس الأونروا، لعدم مقدرته على استئجار منزل له، بفعل عدم تقاضيه لراتبه، فما يتحصله من سلف مالية لا يمكن له أن يوفر بها أدنى احتياجاته.
انتهى رمضان ولا تزال أوضاع التركماني الذي يتحسر على منزله المدمر كما هي، في مشاعر عجز لسانه عن وصفها، وقال: "متى ستوقف السلطة حربها على الموظفين، ألن تتوصل الفصائل الى اتفاق تهدئة معها؟!".
سؤال وإن حمل في طياته معاني التهكم الا انه عبر عن واقع الالاف من الموظفين، الذين حرموا من أدنى احتياجاتهم في شهر رمضان المبارك، ويدخل عيد الفطر السعيد، دون أن يثبت هلال رواتبهم.
"صمنا وأفطرنا على بصلة"، حال تحقق فعلًا لدى العشرات من عوائل موظفي غزة، منهم أبو محسن والذي يعمل في وزارة الصحة بغزة، يقول بنبرة ممزوجة بالالم " لا يوجد في بيتنا طعام، واضطررنا لطهي البصل مع البندورة، كي نفطر عليه بعد يوم شاق من الصيام والعمل".
الشاب مصعب الذي يعمل في احد الأجهزة الأمنية، يتحدث بنبرة الحسرة عن عدم مقدرته لشراء ملابس العيد لطفلته الوحيدة التي جاءت على الدنيا قبل شهرين، مضيفًا " مبلغ المائتي دولار لن يكفي لسداد ديوني التي تراكمت بسبب شهر رمضان، ولن أستطيع شراء شيء لابنتي البكر، فما هو ذنبها".
ولسان حال مصعب كلسان حال الآلاف من موظفي غزة الذين قرروا عدم التوجه لزيارة أقاربهم في العيد، " فكيف ندخل بيوت اخواتنا دون عيدية؟".
أوضاع الموظفين لم تجد صداها لدى حكومة التوافق، التي رفض المتحدث باسمها او احد من وزرائها التعقيب عليها، بل إن احد الوزراء خاطب مؤسسة لتوفير "كوبونات" للموظفين، في حالة تعبر عن مدى المأساة في تعامل الحكومة مع موظفيها.
نقيب الموظفين في غزة محمد صيام، أكدّ أن الموظفين " غسلوا" أيديهم من الحكومة، التي فشلت في تحقيق مطالبهم، مطالبًا بتشكيل حكومة وحدة تحظى بدعم وتأييد، بعيدًا عن هذه الحكومة التي تنازلت عن كل حقوقهم.
وما يثير الألم لدى كثير من العوائل، توازي المناسبات في هذه الفترة، فقدوم شهر رمضان يليه عيد الفطر، ومن ثم موسم المدارس، كلها ضربات متتالية، صدق فيها المثل: "3 ضربات في الرأس بتوجع!".