لا تزال قضية إغلاق بنك "إتش أس بي سي" (HSBC) نهاية العام الماضي لحسابات بعض الشخصيات والمؤسسات الإسلامية البريطانية تثير جدلا واسعا، أحدث فصوله ما جاء من معلومات في تقرير استقصائي نشرته "بي بي سي 4" نهاية الشهر الماضي بالتزامن مع مرور سنة تماما على الحادثة.
وكشف التقرير معلومات حول الطريقة التي أغلقت بها حسابات مساجد وشخصيات إسلامية، كحال "مسجد فينزبري بارك" -أحد مساجد شمال لندن- ووضعها على القوائم السوداء، إذ بيّن التحقيق أن هناك قوائم سرية اعتمد عليها "إتش أس بي سي" في إجرائه ضد تلك الجهات والمؤسسات.
وتوضع تلك القوائم بناء على معلومات من الحكومات دون تحقق، كما نقل التحقيق الاستقصائي عن مصدر حكومي تأكيده أن هذه الإجراءات المالية ضد المؤسسات والشخصيات الإسلامية مرتبطة بالتحقيق الذي أمر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بإجرائه بملف جماعة الإخوان المسلمين العام الماضي.
وكان "إتش أس بي سي" أقدم في يوليو/تموز من العام الماضي على إغلاق حسابات مؤسسات أخرى، إضافة لمسجد فينزبري، منها مؤسسة "الأمة للرعاية"، وهي مؤسسة خيرية تعمل في أكثر من عشرين بلدا، كما كان لافتا إغلاق حسابات عائلة أنس التكريتي رئيس مؤسسة قرطبة لحوار الحضارات وحسابات زوجته وأطفاله.
ضغوط خارجية
وطالب محمد كزبر رئيس مجلس إدارة مسجد فينزبري بارك بشطب المسجد من القوائم السوداء للإرهاب، مهددا باللجوء للقضاء لإيقاف ما أسماه التشهير والافتراء.
وقال كزبر للجزيرة نت إنه تم كشف روابط بين ضغوط خليجية على بعض البنوك وبين إغلاق الحسابات، وكشف أنه تبين لهم أن مسجد فينزبري وبعض المؤسسات الأخرى موجودة كمؤسسات إرهابية على لائحة "تومسون رويترز"، باعتبارها أبرز الشركات التي تؤمن معلومات للمؤسسات البنكية والمصرفية عن الهيئات والشخصيات، وتلجأ لها المؤسسات المصرفية للتحقق بشأن عملائها.
وقال إن تلك الشركة قدمت معلومات خاطئة من قبيل أن الشيخ عمر بكري كان إماما للمسجد، وشوهت سمعة المسجد الذي يحتضن فعاليات مجتمعية متعددة، ويستضيف شخصيات بريطانية ونوابا بارزين مثل جيرمي كوربن المرشح لرئاسة حزب العمال.
وعن الخيارات القانونية التي ينوون القيام بها أوضح أنها لن تكون ضد "أتش أس بي سي" بل ضد شركة "تومسون رويترز" إذا رفضت شطب اسم المسجد من قوائم الإرهاب والاعتذار.
خيارات قانونية
من جهته أوضح رئيس جمعية المحامين العرب ببريطانيا صباح المختار للجزيرة نت أنه من حيث المبدأ القانوني فإنه إذا قامت جهة ما بتشويه اسم أو ذكر اسم جهة أخرى بسوء وبمعلومات مغلوطة، فإن الجهة المتضررة تستطيع إقامة دعوى لإجبار الجهة المعنية على سحب هذه المعلومة والاعتذار.
لكنه قال إن البنوك التي أغلقت الحسابات لم تشهر، بل اتخذت قرارا يحق لها اتخاذه بإيقاف التعاملات البنكية مع بعض الزبائن، دون توجيه اتهامات لهم، وإمكانية إقامة دعوى هنا ضد البنوك، حسب المختار، تبقى ضعيفة.
وعن شعور عدد ممن أغلقت حساباتهم بالاستهداف والتمييز، قال المختار إنه لو تضامنت هذه الجهات سوية وكلفت محاميا من الخبراء برفع دعوى قضائية تلزم البنوك حسب قانون المعلومات الكشف عن المعلومات التي يحتفظون بها عنهم، ثم تبين من ذلك أن كل من أغلقت حساباتهم يشتركون بكونهم مسلمين أو عربا فهنا يمكن أن تدخل القضية مسارا آخر له علاقة بالتمييز والاستهداف.
ويشار إلى أن لوائح التحقق الدولية على العملاء يطبقها 49 بنكا على مستوى العالم من أصل 50 بنكا عالميا، ويتحدد على "أساسها الاستمرار في التعامل مع العميل أو إيقاف الخدمات المصرفية المقدمة له إذا كانت ثمة مخاطر من استمرار التعامل معه.
الجزيرة نت