أثار الكاريكاتير الذي رسمه الفنان "بهاء ياسين" ونُشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي غضبا شديدا في صفوف المواطنين الفلسطينيين، وأيقظ أصواتا لطالما أسكتها التحزب وغض الطرف عن أمور ذات أهمية أكبر وتستوجب التحرك الجاد.
أبرز تلك الجهات كانت نقابة الصحفيين الفلسطينيين في الضفة المحتلة، والتي سارعت ما تسمى بـ"لجنة أخلاقيات وقواعد المهنة" فيها إلى إصدار بيان استنكار للرسم الكاريكاتوري، محملة إدارة مؤسسة الرسالة للإعلام مسؤولية نشره.
وبحسب البيان الصادر أول أمس السبت، فإن النقابة "اعتبرت ما جاء في رسم الكاريكاتير الذي نشر على حساب الرسالة على تويتر، منافيا لقواعد العمل الإعلامي والأخلاق، ومؤشرا واضحا على مدى الاستهتار بمشاعر وأحاسيس البشر أو المُمَثلين في الصورة".
وتابعت "سنقف مدافعين ورافضين لأن يتم استخدام آهات وعذابات البشر كمادة إعلامية لأجندات وأهداف سياسية"، داعية جمهور الصحافيين إلى "لفظ ومحاصرة كل أشكال المتاجرة بدماء الناس على حساب المهنة وتحت مظلة الإعلام وحرية التعبير".
مؤسسة الرسالة للإعلام، أصدرت بدورها بيانا توضيحيا أكدت خلاله أن الكاريكاتير نُشر بصيغة الاستفهام على "تويتر" فقط نقلا عن صفحة الرسام، ولم يُنشر بالمطلق على الموقع الالكتروني الإخباري الخاص بها "الرسالة نت"، موضحة أنه تم تدارك الأمر وحذف المنشور واتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة.
وشددت الرسالة في بيانها على أن الرسمة والرسام ليس لهما علاقة بالمؤسسة؛ "لأنه لا يتوافق مع سياستنا التحريرية ولا خطنا كإعلام مقاوم"، موضحة أنه تم الاعتذار مباشرة عبر نفس الحساب الخاص بها على "تويتر".
وبحسب البيان، فإن "بعض المطبعين مع الاحتلال من أمثال (نقابة النجار) في الضفة الغربية استغلوا الأمر لمهاجمة "الرسالة"، لحرف البوصلة عن انتفاضة الضفة المحتلة، تحت عنوان (لجنة أخلاقيات المهنة) متجاهلين أن أخلاقيات المهنة تقتضي التثبت والتحقق قبل الإساءة للآخرين".
اصطفاف حزبي
إسماعيل الثوابتة، عضو كتلة الصحفي الفلسطيني في غزة، أكد أن نقابة الصحفيين في الضفة تستيقظ فقط على الفتن ولا تعير اهتماما لهموم الشعب الفلسطيني والانتهاكات (الإسرائيلية) المستمرة بحقه.
وقال الثوابتة لـ"الرسالة نت": "اليوم وبعد صمت طويل خرجت علينا هذه النقابة لتصطف بجانب حزب سياسي معين ضد آخر، متجاهلة عشرات الصحفيين الذين استشهدوا ومنهم من لا يزال في سجون الاحتلال، إضافة إلى العشرات ممن تم استدعاؤهم من الأجهزة الأمنية والاعتداء عليهم في سجون السلطة".
وأضاف: "النقابة غير شرعية ولا تمثل الكل الفلسطيني، وتم اغتصابها من عدد معين من الصحفيين من أصحاب النفوذ والذين دائما ما يطبلون للسلطة والتنسيق الأمني، استفادوا من الانقسام الفلسطيني وأسقطوه على الجسم الصحفي وعززوه من خلال إقامة الانتخابات لطرف دون الآخر وتهميش كل الأجسام الصحفية الأخرى".
وأوضح أن أكثر من 80% من الصحافيين غير ممثلين في هذه النقابة ولا يعترفون بها، مؤكدا أن كتلة الصحفي الفلسطيني على استعداد كامل لإجراء انتخابات جديدة يشارك فيها الإعلاميون الفلسطينيون كافة.
وأعرب عن رفض الكتلة للرسم الكاريكاتوري باعتباره مسيئا لأهالي الضفة المحتلة، مؤكدا اعتزاز كتلة الصحفي الفلسطيني بأبطال الضفة وإدراكها لأهمية دورهم في خدمة القضية الفلسطينية ومواجهة الاحتلال (الإسرائيلي) بكافة الأشكال.
وتابع: "مؤسسة الرسالة دائما ما تصطف إلى جانب هم المواطن الفلسطيني، وإن كانت نشرت الكاريكاتير بدون قصد فإن هذا لا يعني أنها تقلل من أهمية جهاد أهلنا في الضفة المحتلة، إلا أن جهات مغرضة لها أغراض معينة استغلت الرسم ونشره لحرف الأنظار عن مصيبة التنسيق الامني والاصطفاف الكامل للسلطة مع الاحتلال، وتغطية على جرائمه".
خدمة أجندات معينة
أيده بذلك ياسر أبو هين، النقيب السابق للصحفيين في غزة، والذي أكد ثقته بمؤسسة الرسالة ومهنيتها وإدارتها، مشددا على أن النقابة "تصطاد في الماء العكر لخدمة أجندات سياسية وأمنية وتنظيمية ليس لها علاقة بالكل الصحفي".
وردا على بيان لجنة أخلاقيات المهنة في النقابة، قال أبو هين إن "أول انتهاك لأخلاقيات المهنة والعمل الصحفي هو وجود مثل هؤلاء ليتحدثوا باسم الإعلامي الفلسطيني، وهو اغتصاب لحق الإعلاميين الفلسطينيين الذين يستحقون جسما يمثلهم أفضل بكثير من هذه النقابة الوظيفية".
وأضاف لـ"الرسالة نت": "نقابة الصحفيين ليس لها علاقة بالهم والشأن الصحفي الفلسطيني، إنما تستدعى لتلبية الحاجة وفق أجندات حزبية وسياسية مشبوهة، وبيانها حول الكاريكاتير في ظل صمت عن قضايا أخرى أكثر أهمية، يثبت أنها لا تمثل الصحفيين وليس لها علاقة بالواقع الصحفي".
واعتبر أبو هين أن نقابة الصحفيين هي "نقابة لأعضاء وقادة الأجهزة الامنية، همها الأول المناكفات السياسية واصطياد الأخطاء وتسليط الضوء على قضايا ثانوية وتكبيرها لحرف الأنظار عن انتهاكات هي أشد خطورة".
وشدد على أن الصحفي الفلسطيني يستحق أفضل من هذه الحالة المهترئة للجسم الصحفي، وأن يكون في إدارة النقابة وسدتها من هم أقدر من هؤلاء مهنيا ووطنيا وأخلاقيا.