تحاول بعض المواقع الإخبارية ذات التوجهات المعادية لنهج المقاومة، الاصطياد في الماء العكر عبر استغلالها الأزمات الإنسانية العاصفة في قطاع غزة، لاسيما أزمة الكهرباء التي وصلت مؤخراً ذروتها بخروج تظاهرات شعبية للمطالبة بحلها جذرياً، حيث تعمد تلك المواقع إلى بث الفتنة بين أوساط المواطنين، وقلب الحقائق.
وتنقل هذه المواقع "الصفراء" الأحداث بطريقة مغايرة للواقع وذلك عبر اللعب على وتر آلام المواطنين ومعاناتهم جراء الحصار الظالم المفروض على القطاع منذ عقد. ومن بين تلك المواقع، بحسب ما نشر المكتب الإعلامي الحكومي، وكالة وطن 24، وشبكة سهم الإخبارية، وموقع كفى 24"، مؤكداً أنها "غير مرخصة لدى وزارة الإعلام.
ومن بين الأخبار التي جرى نشرها، ما تداوله موقع "وكالة وطن 24 الإخبارية"، حول إقدام الأجهزة الأمنية على اعتقال ناشطين وقادة من حركة فتح في القطاع، إضافة إلى نشرها صورة "كاذبة" لمنزل مضيء بين عدة منازل، ادعت أنه يعود إلى القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف.
فيما نشر موقع "شبكة سهم الإخبارية"، عبر صفحته الشخصية، صورةً قديمة لشاب تعرض لتعذيب، زاعماً أنه تعرض للضرب في سجون الشرطة بغزة، مدعياً أنه "أحد المعتقلين في سجون أمن غزة بعد الإفراج عنه اليوم، بعد تظاهرة للمطالبة بالكهرباء". كما نشر رسومًا كاريكاتيرية يظهر أحد أفراد الأجهزة الأمنية يحمل سلاحه ويقف فوق مواطنين مكممين أفواههم ويطالبون "بدنا كهربا".
أجندات مشبوهة
المكتب الإعلامي الحكومي دق ناقوس الخطر على لسان رئيسه سلامة معروف الذي حذر وسائل الإعلام والصحفيين من التعامل مع هذه المواقع، معتبراً إياه "تتبع لأجندات مشبوهة تهدف إلى بث الفتنة وزعزعة الاستقرار المجتمعي".
وأكد معروف في حديث خاص لـ "الرسالة نت "، أن هذه المواقع تسعى إلى إثارة البلبلة وزعزعة الأوضاع في قطاع غزة، عبر بث الأكاذيب وفبركة الأخبار واختلاق أخبار غير صحيحة"، مشيراً إلى أن هذه المواقع "أمنية واستخباراتية" غير عاملة في غزة ومستضافة على سيرفيرات خارجية، موضحاً أن مكتبه يتواصل مع وزارة الاتصالات من أجل معرفة أماكن تواجدها.
ولفت في الوقت ذاته إلى أن من خلال البحث والتواصل مع وزارة الاتصالات، تبيّن أن لوحات التحكم الخاصة لبعض المواقع في الضفة المحتلة، مشدداً على أنه "من الواضح أن أجندتها تتساوق مع الاحتلال وتسعى لخدمته".
وطالب وسائل الإعلام والصحفيين بعدم التعامل مع تلك المواقع وعدم النقل عنها أو الاستناد عليها كمصادر "حتى لا يقع الصحفي ضحية لكذب وتدليس هذه المواقع، ومن يخالف سيتم ملاحقته قانونياً"، وفق قوله.
إثارة الحقد
من جانبه، أكد الصحفي عماد الإفرنجي رئيس منتدى الإعلاميين الفلسطينيين بغزة، أن هذه المواقع تعمل على التحريض ونشر الفتنة وإثارة الحقد بين المواطنين. وأوضح الإفرنجي في حديث مع "الرسالة"، أن هذه المواقع تعمل وفق ارتباطات أمنية وادعائية، تتساوق مع الاحتلال وتتبع لأجندة سياسية معينة، مشدداً على أنها السبب الرئيس في الانقسام الراهن.
وأشار إلى أنها تسعى إلى تشويه الإعلام الفلسطيني الذي بذل كل جهوده وقدم الشهداء لخدمة المشروع الوطني الفلسطيني، محذراً من التعامل مع هذه المواقع "الكاذبة"، مطالباً وزارة الإعلام والأجهزة الأمنية في القطاع، بضرورة محاسبة أصحاب هذه المواقع، واصفاً إياها بأنها "لا تتمتع بأخلاقيات العمل الصحفي".
الالتزام بالمعايير
بدوره، أكد الصحفي محمد ياسين على ضرورة التزام وسائل الإعلام الفلسطينية بالأسس والمعايير المهنية والمواثيق والأعراف الأخلاقية، ومراعاة ذلك فيما تنشره من مواد إعلامية مختلفة. واعتبر ياسين في حديث لـ "الرسالة نت "، الخروج عن هذه الأصول بمثابة "طعنة في خاصرة الإعلام الفلسطيني وضربة لمصداقيته"، مطالباً الجهات الرسمية بأن "تضع حداً لأي تجاوزات تعود بالضرر على المجتمع، لأنها تمثل مصدراً لإثارة الفتنة والتحريض بين أفراده".
وبيّن أن غياب نقابة الصحفيين فتح الباب واسعاً أمام بروز من وصفهم بـ "النتوءات الإعلامية التي تسيء للمشهد الإعلامي الفلسطيني عبر تغليب الأجندة الحزبية البعيدة عن مصلحة المجتمع على الصالح العام والاستقرار".
إجراءات الداخلية
وفيما يتعلق بإجراءات وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة، فقد أكدت على لسان المتحدث باسمها إياد البزم، أن أجهزتها تعمل من أجل إظهار حقيقة هذه المواقع والجهات التي تديرها، وقال خلال اتصال هاتفي مع "الرسالة": إن هذه المواقع تتبع لأجهزة مخابرات أمنية من خارج القطاع، لتشويه الحالة في غزة"، مبيناً أن وزارته تتواصل مع الجهات ذات العلاقة من أجل وضع الإجراءات اللازمة لضبط هذه المواقع.
ولفت إلى أنهم يواجهون بعض الصعوبات في ظل هذا الانفتاح الإلكتروني الكبير، محذراً في الوقت ذاته من التعامل معها.