مقال: "الأونروا" حين تقرع طبول الحرب... والعودة..!!

عماد توفيق

العقل الذي وقف خلف العمليات البطولية التي نفذتها المقاومة في حرب الـ 51 يوما ما زال قائما وموجودا ويتعلم ويستخلص العبر، ويخطط لمزيد من الانجاز وايلام العدو.

ففي حين اتسمت قيادة المقاومة في حرب الــ51 بالانسجام والتناغم والتكامل بين العسكري والسياسي، فقد تسبب حرص الجانب السياسي لحماس على الظهور بمظهر الوحدة الوطنية في مفاوضات وقف اطلاق النار في القاهرة، بالإخفاق في إحراز ثمنا يوازي ما حققته المقاومة على الارض من جانب، ويوازي حجم التضحيات الكبير الذي قدمه الشعب من جانب آخر.

تعود جيش العدو الصهيوني في مواجهاته مع العرب مسبقا على جيوش هشة وهياكل فارغة والقاب كرتونية، حتى تمكنت المقاومة من اعادة تعريف المقاتل العربي لدى العدو الصهيوني.

100 الف جندي صهيوني على حدود غزة انهارت معنوياتهم، وهزمتهم المقاومة منذ الساعات الاولى للحرب في معركة الشجاعية، ما اربك حكومة العدو وشل عقول الشعب الصهيوني المختبئ في الملاجئ.

صمود المقاومة في حرب ال51 التي مثلت تكالب اممي على غزة التي تركت تقاتل وحدها وتنافح عن نفسها امام اعتى قوة غاشمة في المنطقة، وفر وما زال مزيد من الدماء والتضحيات نظرا لحالة توازن الرعب التي ارستها المقاومة.

  انجلى غبار الحرب عن عدم نزع سلاح حماس كما يرغب العدو الصهيوني، كما انه لم ينجلي عن ورشة لإعادة الاعمار، نظرا لحالة الانقسام في الساحة الصهيونية بين المستويين السياسي والعسكري.

المستوى العسكري الصهيوني يرغب بحملة تسهيلات كبيرة لسكان غزة تتضمن منح الاف التصاريح لدخول التجار لـ"اسرائيل"، للتخفيف عن المواطنين ليس من الناحية الانسانية فقط بل لإنهاء قدر الامكان دوافع انطلاق المقاومة من جديد، انطلاقا من فرضية انه اذا بني ميناء عائم في غزة فانه سيصبح لدى حماس ما يخسرونه، هذا الميناء الذي تطلبه حماس في غزة قد يستغرق بناؤه عشرة اعوام، وجيش العدو يقول انه قد يستغرق عشر دقائق لهدمه بطائراته الحديثة اذا استخدمته حماس لتهريب السلاح.

المستوى السياسي الصهيوني يتمنع حتى الان عن تنفيذ هذه الخطوات، كما يستبعدون انطلاق مفاوضات سياسية لتسوية سياسية مع حماس، لأنهم يرغبون بإبقاء حماس في نظر العالم كسلطة ارهابية معزولة في غزة عن السلطة الفلسطينية المعترف بها في رام الله، الامر الذي يمنع أي حل استراتيجي سياسي لمشكلة غزة.

يقول المحللون الصهاينة ان اندلاع جولة مواجهة جديدة مع غزة مستبعد في فضاء العامين القادمين، غير ان المحللين لا يفرطون في هذا التفاؤل لأنهم يدركون انهم لا زالوا في منطقة الشرق الاوسط.

حماس لا توفر فرصة لتبعث بالرسائل الى "اسرائيل" انها لا ترغب بحرب جديدة، وتتجلى هذه الرغبة بعد كل عملية إطلاق صواريخ فردية من غزة، ستبقى حماس تكره "اسرائيل" ولا تعترف بها لكنها في ظل الوضع الحالي لا ترغب بحرب اخرى نظرا لان الوضع الاقليمي والدولي ليس في صالح المقاومة التي تركت وحيدة في حرب ال51 يوما.

يبدوا ان ما حدث للعدو الصهيوني في حرب ال51 يوما قد حدث لهم مسبقا في حرب لبنان الثانية، حيث انشغلت "اسرائيل" في اصلاح الاخفاقات والاخطاء التي ارتكبتها في الحرب الاولى وتناست آثار هذه الحرب على الجانب اللبناني، الذي سرعان ما انفجر مشعلا الحرب الثانية التي نالت من جيش العدو وهيبته، وهم الان في "اسرائيل" لا يريدون تكرار هذا السيناريو مع غزة المتحفزة، على وقع تخلي "الأونروا" عن مسؤولياتها تجاه مئات آلاف الطلاب والمعلمين في غزة.

 رئيس هيئة الاركان ايزنكوت يبذل هذه الايام جهود مضنية لإقناع المستوى السياسي بفتح منافذ لغزة لتنفيس الاحتقان وتأجل فرص انفجار الاوضاع في غزة من جديد.

ما زالت غزة تحتل وقتا مهما في كل اجتماعات الحكومة الصهيونية بطريقة او بأخرى بحضور المستوى العسكري، الامر الذي يوحي بمدى الارق الذي تسببه غزة "لإسرائيل"، لانه يلامس المخاطر الوجودية "لإسرائيل" وسقوط الحسابات الصهيونية التي ارادت ان تزرع في العقل العربي ان الجيش الصهيوني لا يهزم، فاذ بالمقاومة الفلسطينية تمرغ انفه وببث مباشر امام العالم.

ربما باتت المقاومة الفلسطينية المتنامية لا ينقصها سوى حاضنة اقليمية داعمة ومساندة، وغطاء سياسي عربي واسلامي، وإطلاق يد المقاومة لتحرز اولا جولات النصر في حرب التحرير التي باتت راياتها تلوح في الافق، على صهوة أصوات طبول العودة التي بدأت تتعالى مع تخلي "الأونروا" عن مسؤولياتها.

البث المباشر