مع الأسف فإن هناك إهمالا غير مبرر وتقصير واضح في عدم توظيف الاعترافات والاقرارات الصهيونية بدور مؤسسات الحكم الإسرائيلية في تشجيع العمليات الإرهابية ضد الفلسطينيين، وذلك على خلفية احراق منزل عائلة دوابشة واستهداف الرضيع علي ووالده سعد.
ليس كل يوم يمكن الحصول على مثل هذه الاقرارات والاعترافات، التي يمكن استخدامها في تعرية هذا الكيان والمس بمكانته الدولية، ونزع الشرعية عنه.
مؤسف أن الاهتمام بما يجري في العالم العربي لم يساعد على إثارة جدل حول اعتراف يوفال ديسكين الرئيس السابق لجهاز المخابرات الداخلية "الشاباك" بأن جميع الحكومات الإسرائيلية لم تكن يوماً معنية بمواجهة التنظيمات الإرهابية اليهودية، وأن القادم سيكون "أسوأ".
لا أحد يمكن أن يتهم ديسكين بالتحامل على (إسرائيل)، فهو يوصف بأنه "مهندس" عمليات الاغتيال ضد المقاومة الفلسطينية، وهو بحد ذاته مجرم حرب قذر، وهذا تحديداً يضفي أهمية كبيرة على توظيف أقواله، التي وردت على حسابه على الفيس بوك.
وحتى الرئيس الصهيوني روفي ريفلين، أحد "صقور" الليكود، يقر بأن المجتمع الصهيوني يبدي تساهلاً إزاء الإرهابيين اليهود.
ويمكن للمرء أن يعثر على عشرات التقارير والمقالات الصهيونية التي تدلل على أن النخب الصهيونية الحاكم تلعب دوراً مركزياً في توفير بيئة لتعاظم التنظيمات الإرهابية وازدهارها.
إن رصد ما تزخر به وسائل الإعلام وتوثيقه وترجمته للغات العالمية هو أمر الساعة، فهذا سيوفر وقوداً لحركات المقاطعة الدولية "BDS"، التي ترى فيها تل أبيب تهديداً "وجودياً"، وسيمثل ضربة موجعة لأبواق (إسرائيل) الذين يقارعون الشباب الرائع الذي يقود "BDS".
ناهيك عن أن مواجهة الإدارة الأمريكية والحكومات الغربية التي تساند (إسرائيل) وترفض إدانتها في المحافل الدولية بهذه الاقتباسات يقلص هامش المناورة أمامها ويحرجها أمام الرأي العام، لأنها ستبدو "ملكية أكثر من الملك".
ومن نافلة القول التأكيد على أهمية وضع إستراتيجية إعلامية تقوم على فضح (إسرائيل) من خلال الإشارة إلى اعترافات المسؤولين الصهاينة بالتواطؤ مع التنظيمات الإرهابية سيسهم في بلورة رأي عام عالمي معاد للكيان الصهيوني.
ولا حاجة للتذكير بأن التحولات على صعيد الرأي العام في كل دولة من دول الغرب إزاء (إسرائيل) يصب في صالح القضية الفلسطينية، لأنه سيشكل عامل ضغط على الحكومات الأوروبية لتغيير نمط سلوكها تجاه (إسرائيل)، وأن تبدي مواقف أكثر جدية تجاه جرائمها.
إن الاهتمام بالاعترافات الصهيونية يساعد على بناء ملفات قضائية وجنائية ضد مؤسسات الحكم في إسرائيل، بشكل يمكن أن يساعد على رفع الدعاوى ضدها أمام محكمة الجنايات الدولية، ناهيك عن أن فضح الدور الذي تلعبه المؤسسات الرسمية الإسرائيلية في رفد الإرهاب اليهودي يساعد على تعريتها ومقاطعتها دولياً.
فعندما يتحدث رئيس المخابرات السابق ديسكين وعدد كبير من القانونيين والنخب الصهيونية عن دور الجهاز القضائي الصهيوني في التغطية على الإرهابيين اليهود، فأن هذا قد يسهم في قطع التواصل بين هذه المؤسسات ونظيراتها الدولية، ناهيك عن أنه يسحب من الكيان الصهيوني القدرة على الزعم بحيادية الجهاز القضائي، الذي بات ليس أكثر من "محلل" للإرهاب، ليس أكثر.
وبالمناسبة، فإن ما ينطبق على الجهاز القضائي ينطبق على المؤسسات الأكاديمية والأمنية والبحثية، وهذا ما سيقلص من هامش المناورة أمام الصهاينة.
ولا حاجة للتذكير بأن الأضرار الاقتصادية التي يمكن أن تتكبدها (إسرائيل) جراء تطبيق هذه الإستراتيجية، إلى جانب الأضرار السياسية والدعائية.
إن أكثر ما يتوجب على القائمين على هذه الإستراتيجية الانتباه إليه هو ضرورة التركيز على سيل الفتاوى التي تصدرها المرجعيات الدينية اليهودية والتي تحث بصراحة على القتل.
من الواضح أن هناك تركيز بسيط على تعميم هذه الفتاوى بعد توثيقها وترجمتها.
والأهم من ذلك إبراز حقيقة أن جميع هؤلاء الحاخامات هم موظفون رسميون يتقاضون رواتب ضخمة من الحكومة الإسرائيلية، أو أن مؤسساتهم التعليمية والدينية التي يديرونها تحصل على دعم مالي سخي من الكيان.
وفي وقت ينشغل العالم بما يصدر عن بعض الجماعات الإسلامية، فإن هناك حاجة لتسليط الضوء على "الفقه اليهودي" المحفز للإرهاب والداعي له.
وهناك فرصة مهمة ونادرة في إحداث قطيعة بين (إسرائيل) والعالم المسيحي من خلال إبراز دور التنظيمات الإرهابية اليهودية في إحراق الكنائس والتنكيل بالقساوسة الذين يعملون في القدس بالبصق عليهم وضربهم، وهذا استناداً لما تنقله وسائل الإعلام الإسرائيلية.
إن انجاز هذا الأمر سيضع الفاتيكان والحكومات الغربية أمام مسؤوليتها.
في وقت ينشغل العالم بما يصدر عن بعض الجماعات الإسلامية، فإن هناك حاجة لتسليط الضوء على "الفقه اليهودي" المحفز للإرهاب والداعي له