وسام عفيفه
أصحاب المعالي .. أصحاب الجلالة.. أصحاب السمو
أكتب إليكم رسالتي هذه على ضوء شمعة بينما يشوش أفكاري ضجيج مولد كهرباء الجيران.
أعلم أن كلماتي لن تصلكم لان الكهرباء مقطوعة بيني وبينكم, لكني آمل أن يذكر التاريخ يوما أننا خاطبناكم ولم تصغوا الينا.
أيها السادة, في مضاجعكم ومهاجعكم تنعمون بالنور وتترفون تحت "المكيفات" ..لدينا مثل شعبي يقول: "إلي بدو يعمل جمال بدو يعلي باب بيته" وانتم أهل الجمال والبادية, لكن باب بيتكم لم يسعنا نحن المحاصرين بالظلام من كل اتجاه.
لقد ضبطنا إيقاع حياتنا على مواعيد "ورديات" الكهرباء ومن ثم المياه,و ننتظر أنبوبة الغاز كهلال العيد.
أيها الزعماء والقادة..
هل يرضيكم أن تسهروا انتم ونساؤكم تحيون ليالي الزوجية بينما تسهر نساؤنا في انتظار دور الكهرباء,يقمن الليل غسيلا وخبيزا , وبدل الاستئناس مع زوجاتنا, نبدأ بعد منتصف الليل نداعب "موتور" المياه, وتغفو عيوننا في انتظار امتلاء "الخزان".
أيها الرؤساء ..
أناشدكم باسم كل وحدات ومقاييس الكهرباء.. أناشدكم باسم الفولت, والأمبير, والكيلو وات..
أناديكم باسم مشاريعكم الكهربائية العظيمة ..باسم السد العالي, وباسم مشروع الربط السباعي ,أن ترحموا عيون أطفالنا, وشموعنا التي تذبل وهي تحترق يوميا لتنير عتمة الحصار.
لقد أصبحنا أكثر شعوب الأرض استهلاكا للبطاريات من الأحجام كافة, وتحولت شوارعنا ومنازلنا ورؤوسنا الى "دينمو" كبير يحرك المولدات التي تنتشر في كل شبر من الوطن المغلق.
حتى أحلامنا أصيبت بماس كهربائي, فأصبحت تفصل كلما حلمنا بالنور, لان أحمال خطوط النقل في عقولنا الباطنة لم تعد تحتمل ضغط الحياة.
ولا أبالغ إذا قلت لكم أن "أمَان الحياة "لم يعد يعمل في نفوسنا, فلم نعد نكترث بالتهديد سواء بالحرب, ولا بالجدار الفولاذي, أو الجدار العازل, ولا بالترحيل, ولا حتى بالتجويع, لكن نغضب إذا لم تلتزم شركة الكهرباء بجدول مواعيد التوزيع.
أيها الحكام..
لقد حكمتم علينا بالموت قهرا عندما شاركتم أو صمتم على حصارنا, واعتبرتم سجننا حماية لأمنكم القومي, وللمصلحة العربية العليا, وحفاظا على تحالفاتكم واتفاقياتكم , وعلاقاتكم الدولية.
ورغم كل هذه الآلام لا زلنا نعول على الرجال منكم, نعول على بقية من ضمير, وعروبة وجيرة وإخوة.
أصحاب السعادة..
يؤسفني أن أخبركم انه إذا يئسنا منكم فإننا سوف نضطر آسفين أن نستبدلكم بقادة آخرين..قادة أمثال: رجب اردوغان وهوغو تشافيز. وجورج غالاوي
سوف نستبدلكم كما استبدلنا –مضطرين- اللبمات الصفراء بالبيضاء, و"الكارات" "بالتوك توك" , والاسمنت بالطين, والمعابر بالأنفاق.
و إلى أن تردوا على رسالتي هذه سوف أترككم مع ضجيج المولدات الذي يملأ فضاء غزة ويخترقها ليصل آذانكم, تشكو لكم ظلم الصمت, وقهر الظلمة لعلها تيقظكم من سباتكم العميق.
أيها الملوك..
ظل العربي منذ فجر التاريخ يباهي الناس بنفسه وأهله وقومه.. ويعتبرهم خير الخلق ولا يراهم إلا سادة وملوكا..
وهذا البيت من معلقة الشاعر عمرو ابن كلثوم خير مثال على ذلك... فلقد وصل الاعتداد بالنفس والفخر بها موصلا لم يسبقه إليه غيره إذ قال :
ونشرب ان وردنا الماء صفوا*** ويشرب غيرنا كدرا وطينا
أما اليوم ..نشرب إن وردنا الماء عكرا ... ويشرب غيرنا زمزما وسلسبيلا
التوقيع
مواطن غزي