قائمة الموقع

مقال: الستون لا يعني الجلوس وانتظار الموت

2015-08-20T06:02:31+03:00
وكيل وزارة الثقافة
مصطفى الصواف

يظن البعض أن بلوغ الستين عاما معناه الجلوس في البيت في انتظار الموت، وكأن الحياة الفعلية تنتهي عند سن الستين وسموها في الوظيفة الحكومية أو الخاصة بأنها سن التقاعد علما أن هذه التسمية ليست دقيقة إلا إذا اعتبر التقاعد عن شغل الوظيفة سواء العمومية أو الخاصة وإن كان البعض من الدول رأت أن سن الستين ليس معيارا سليما وبحثت في تمديد العمل إلى ما بعد الستين حتى وصل بالبعض باعتبار سن الخامسة والستين هو سن التقاعد وهكذا الأمور تختلف من بلد إلى بلد ومن نظام إلى نظام.

سن الستين والذي بلغته اليوم الخميس 20-8-2015 هو مرحلة جديدة من مراحل العمر تعتمد على الإنسان نفسه فقد يجعلها الواحد منا شعلة نشاط وعمل وإنتاج في مجالات لم يكن يرى أن الوقت نتيجة الانشغال بالعمل الوظيفي كان يسمح بالقيام بها؛ ولكن بعد أن ترك الوظيفة ومشاغلها بات لديه الوقت للتفكير بما يرغب أن يمارسه ويبدع فيه ربما بشكل أكثر مما أبدع قبل الستين، وهذا يعتمد على التخطيط السليم لمرحلة ما بعد الستين بشكل يجعل من هذه المرحلة مرحلة شباب وعطاء ، فالمسألة ليست بكم من السنين مضت من العمر بل المسألة متعلقة بالهمة والاجتهاد مع مراعاة أن هذه المرحلة تطلب مزيدا من العناية الصحية والنفسية ومزيدا من الاهتمام بالقضايا المختلفة المتعلقة بالحياة والعلاقات الداخلية والخارجية في حياة الإنسان بعد سن الستين.

سن الستين هي مرحلة الشباب الثانية التي علينا أن نعيشها بكل تفاصيلها وان نضع نصب أعيننا أنها مرحلة جد واجتهاد وتواصل وبناء جديد يكون فيه الإنتاج أغزر وأكثر إتقان وتكون فيها الحياة أجمل وذات طابع مختلف عما كانت عليه في المرحلة السابقة.

سن الستين هو سن العطاء المتجدد، البيت فيه مهم؛ ولكنه ليس من أجل الركون وتحويل الحياة إلى سجن أو تحويل البيت إلى ساحة للتنافس مع الزوج أو الأبناء والمراقبة على مدار الساعة وإشاعة جو من عدم الاستقرار والتفنن في صناعة النكد الأسري نتيجة الجلوس على مدار الساعة في وسط البيت لمراقبة كل حركة وسكنه والاعتراض والرفض إلى ما لا نهاية من الإشكاليات التي تعاني منها بعض البيوت نتيجة وصول ربها إلى سن التقاعد الذي يظن فيه البعض انه سن المشاغلة للبيت وأهله.

هذه المرحلة من العمر بحاجة إلى انطلاقة جديدة توزع فيها ساعات اليوم بشكل دقيق بما يحقق نتائج ذات قيمة لصاحبها ولمحيطه يكون فيها العمل والعطاء هو امتداد للمراحل السابقة من العمر بل قد يستغرب البعض أن هناك ممن بلغوا الستين قد حققوا نجاحات وانجازات فاقت ما كان لهم من علامات فارقة في حياتهم قبل الستين، وسجل لهم التاريخ إعمالا تسجل بمداد من ذهب.

الستون تعني مرحلة من العمر فيها العطاء والاتزان والوقار والتأني وهي مرحلة التفكير الصافي غير المشغول بأمور أخرى وعليه يكون المنتج في هذه المرحلة يتناسب من رقي المرحلة العمرية، فيا أيها الستينيين انطلقوا في مرحلة عمركم المتجددة وأبدعوا وأثبتوا لمن يرون أن هذا السن هو لانتظار الموت ، فالموت لا يعرف سنا أو عمرا ولا يعرف صحة أو مرضا ، فكم من سليما معافى قضى الله له بالموت وكمن من عليل متقدم في السن عاش ردحا من الزمان، فالحياة والموت يقدرها الله تعالى بمشيئته وليست لها علاقة بالأعمار، لأن الأعمار حسابات بشرية أما الموت فهو قدر الله يجريه وفق مشيئته على من يشاء من عباده بالكيفية التي يقدرها.

اشعر وكأني ولدت من جديد ولكن ميلاد الستين الذي سيواصل بإذن الله العمل والعطاء دون انقطاع عن الحياة، نرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا في المرحلة القادمة بما يحب ويرضى ويساعدنا في تحقيق ما لم نتمكن من تحقيقه في المرحلة الماضية إنه ولي ذلك والقادر عليه.

اخبار ذات صلة