بعد اشتباكات اندلعت لعدة أيام في أحياء وأزقة مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، عاد الهدوء ليخيم على أرجائه بعد اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار بضغط من الفصائل الفلسطينية وتثبيته من خلال توزيع عناصر القوة المشتركة على نقاط الاشتعال.
تلك الاشتباكات التي دارت رحاها بين عناصر من حركة فتح ومسلحي تنظيم "جند الشام" السلفي، اندلعت مؤخرا بعد اتهام "فتح" لهم بمحاولة اغتيال مسؤول الأمن الوطني بالمخيم أبو أشرف الهرموشي، ليقع آلاف اللاجئين ضحية تراشق النيران والقذائف.
بمقتل ما يقارب 4 من عناصر فتح، وإصابة أكثر من 35 من كلا الطرفين، انتهت جولة الصراع ظهر أول أمس الثلاثاء، فيما لا يزال من تبقى في المخيم متخوفون من عودة اندلاع الاشتباكات مجددا، خاصة بعد خرق وقف إطلاق النار أكثر من مرة سابقا.
محمود عطايا، الناشط الفلسطيني بمخيم عين الحلوة، ومدير موقع عاصمة الشتات، وصف لـ"الرسالة" ظروف ما يقارب 120 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون بين ثنايا المخيم الذي يبلغ إجمالي مساحته 1 كم مربع فقط، موضحا أن زهاء 900 عائلة هاجرت المخيم هربا من الموت.
وأشار عطايا إلى أن تلك العائلات التي تمثل أقل من نصف السكان، لجأت إلى بعض المساجد المحيطة بالمخيم أو مخيمات اللجوء الأخرى في لبنان، بينما باقي العائلات تتواجد في منازلها في حالة أشبه بحظر التجول، تستمع لطلقات النيران المتبادلة بين الطرفين.
وبين أن نسبة دمار كبيرة لحقت بالمخيم ومنازله وأحيائه نتيجة الاشتباكات العنيفة، جراء استخدام الأسلحة الرشاشة الثقيلة وقذائف الهاون وغيرها من القذائف الموجهة.
ممثل حركة حماس في لبنان، علي بركة، أكد مرارا أن أطرافا تسعى إلى تفجير الأوضاع في مخيمات اللجوء في لبنان وتحديدا عين الحلوة، بعدما فشلت في توريط المخيمات في صراعات لبنان السياسية والمذهبية.
وحذر بركة في تصريح لـ"الرسالة" من خطورة الاحتكام إلى السلاح في حل المشاكل الداخلية بين الفصائل، داعيا إلى ضرورة تغليب لغة الحوار والعقل؛ كون الاحتكام للسلاح سيؤدي إلى تدمير المخيمات على غرار ما جرى في مخيم نهر البارد.
وشدد بركة على أن مخيم عين الحلوة يتأثر سلبا بالأوضاع السياسية والأمنية في لبنان، وهو ما يستوجب حمايته من كافة الفصائل، مشيرا إلى أن ما يجري هو استهداف جمعي للوجود الفلسطيني يستدعي أن يبذل الجميع جهودا من أجل حماية المخيمات.
ماهر الشاويش، المحلل والكاتب الفلسطيني بلبنان، أكد خطورة استمرار الاشتباكات بين الأطراف المتناحرة في المخيم، مشددا على ضرورة أن يعي أطرف النزاع أن مخيمات اللجوء ما هي إلا محطات للعودة فقط وليست ساحة للمعارك والاحتكام للسلاح أو حتى التراشق الاعلامي.
وقال شاويش لـ"الرسالة": "تلك الاشتباكات والقتل الناجم عنها معيب جدا في حق الثورة والقضية الفلسطينية، وإن لم تع الأطراف المتقاتلة ذلك، فعلى كل الفصائل أن تحمل الطرفين المسؤولية الكاملة عما يجري وأن تلزمهم بمسؤولياتهم".
وأضاف: "اختلال ميزان القوى داخل المخيم بات واضحا، وأنه يجنح باتجاه الاسلاميين، كما أن عدم ووجود رأي واحد لدى فتح وانشقاقها الداخلي يؤدي في كل مرة إلى تعثر الاتفاق على وقف إطلاق النار أو نقضه".
وشدد على تدهور أوضاع اللاجئين الفلسطينيين داخلي المخيم، مشيرا إلى أنهم مهددون بكارثة انسانية على كافة الصعد، أهمها المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ومضيفا أن "من يشاهد الدمار والتخريب الحاصل في مخيم عين الحلوة في هذه الجولة من المعارك وما سبقها يدرك أنه أمام كارثة حقيقية يجب وقفها".
وأكد شاويش على ضرورة أن تتحمل السفارة الفلسطينية في لبنان مسؤولياتها تجاه الوضع القائم، إضافة إلى الدور المطلوب من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وتحديدا حركة فتح.
وأضاف: "في ظل الصراع القائم، يسجل لحركة حماس وممثلها في لبنان علي بركة دورها البارز في تشكيل القوة الأمنية المشتركة وتهدئة الاوضاع في الساحة، علاوة على التواصل المستمر لرئيس مكتبها السياسي خالد مشعل".