يراود الشك الفلسطينيين عن الأسباب الكامنة وراء فتح السلطات المصرية لمعبر رفح البري جنوب قطاع غزة بين الفينة والأخرى، سيما أن أيام فتحه لا تقارن بتلك التي يستمر فيها الإغلاق، لتلمع الأهداف السياسية والأمنية من بين فكي البوابة السوداء.
وفي قراءة سريعة لعمل المعبر خلال السنة الحالية، فإن إحصائية وزارة الداخلية في غزة تشير إلى أن مصر فتحت المعبر لمدة 19 يوما، في مقابل إغلاق دام 225 يوما، فيما كانت المرة الأخيرة لفتحه قبل أسبوعين، غادر خلالها جزء من آلاف المواطنين المحتاجين للسفر.
ويتحجج النظام المصري في إغلاقه للمعبر بالوضع الأمني في سيناء، والهجمات المتكررة التي يتعرض لها الجيش من قبل مسلحي ولاية سيناء، بينما تظهر الدلائل في ساحة سيناء أنه يمكن فتح المعبر خلال أيام طويلة يكون فيها المناخ الأمني هادئ جدا، عدا عن إمكانية عمله لعدة الساعات نهارا في حال وجود أحداث أمنية.
في شهر يونيو المنصرم أحس الفلسطينيون بالراحة اتجاه النوايا المصرية التي رافقت اتفاق المخابرات الحربية مع وفد من حركة حماس بقيادة موسى أبو مرزوق، والذي أثمر عنه التسهيلات المتتالية على المعبر لمدة أسبوعين، من خلال السماح بسفر أعداد جيدة، عدا عن إدخال مواد بناء للقطاع الخاص، إلا أن ذلك سرعان ما تبدد بعد تجدد إغلاق المعبر لمدة شهرين، ووضع علامات الاستفهام عن سبب التسهيلات في تلك الفترة!
السلطات المصرية أعلنت بشكل مفاجئ منتصف أغسطس الماضي عن فتح معبر رفح، فيما ترددت الأنباء عن تحسين في عمل المعبر وإدخال كميات من الوقود للقطاع الخاص، وتأكد الحديث عن سفر وفد من حركة حماس بقيادة إسماعيل هنية، إلا أن تلك الوعودات ذهبت أدراج الرياح.
اللافت في هذه المرة، حادثة اختطاف الشبان الفلسطينيين الأربعة قرب المعبر خلال رحلة سفرهم اتجاه مطار القاهرة عبر حافلة الترحيلات، بينما وجهت أصابع الاتهام للمخابرات المصرية بأنها تقف خلف الحادثة، ليبدو وكأن السلطات المصرية فتحت المعبر من أجل هذا الملف الهام لا لشيء آخر.
وما يدعم الرأي السابق، أن خلال فترة فتح المعبر وقعت عدة أحداث أمنية في سيناء، نتج عنها مقتل وإصابة جنود مصريين، إلا أن السلطات المصرية أصرت على إكمال العمل في المعبر، برغم وجود أكثر من سابقة مماثلة، أغلقت مصر فيها المعبر؛ بسبب الأحداث الأمنية.
ومن ضمن الدلائل أن فتح معبر لم يكن إلا لسبب أمني عدم إدخال مواد البناء بنفس الكميات التي دخلت في الفتحة السابقة، عدا عن وصول أي كمية من الوقود، إضافة لرفض سفر وفد حماس، وتأخير سفر الكادر في الحركة إيهاب الغصين لتلقي العلاج، وتوقيف القيادي حسن الصيفي وكيل وزارة الأوقاف بغزة.
ويرى البروفيسور عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح أن مصر لن تقدم أي تسهيلات يمكن لها أن تغير الوضع المأساوي في غزة؛ لأنها طرف في منظومة الضغط على حركة حماس وقطاع غزة.
وأشار إلى عدم توافر أي مؤشر من تعامل السلطات المصرية مع غزة عن وجود نية للتحسين العلاقة بين الطرفين خلال الفترة الحالية أو المقبلة، في ظل الظروف الاقليمية المعقدة، فيما لا يمكن إغفال السعي الدولي لتحسين الوضع في غزة بعيدا عن تدخل اليد المصرية.