منذ أن ألبسها محبس الخطوبة قبل ثلاثة أعوام، بدأ العروسان بنسج أحلامٍ وردية، بانتظار يوم العمر، دون أن يخطر ببالهما حينها أنه سيأتي ذلك اليوم، وتزف العروس لوحدها دون ثوب فرح، وعريسها مغيّب في سجون ذوي القربى!
ثلاثة أعوام مرّت على خطبة فادي حمد وسيما متولي، من مدينة رام الله، تخللها اعتقال فادي لأكثر من عامين إداريا في سجون الاحتلال، ليفرج عنه مؤخراً، وتتلقفه سجون السلطة قبل أن يتم فرحته مع عروسه ويدخل قفص الزوجية الذي طال انتظاره.
"هذا قدرنا، ولن نيأس، وسأبقى أنتظر فادي مهما حصل، ومهما حاولوا أن يسرقوا منا الفرحة، سنتمسك بالأمل، وسيخرج فادي ونفرح بإذن الله"، كلمات همست بها العروس سيما لـ"الرسالة"، بعد أن انتهت من مراسم حفل زفاف رمزي أقيم لهما أمس الأحد، وهو اليوم الذي كان مقرراً أن تزف فيه لبيت عريسها، قبل أن تختطف أجهزة السلطة فرحتها.
وعن اعتقال خطيبها تقول: "كان فادي يعمل في بيتنا الذي سنسكنه، وينهي بعض الترتيبات فيه، فتفاجأ بعناصر من جهاز المخابرات يقتحمون المنزل ويعتقلوه".
تتابع: "بعد أيام من اعتقاله رأيناه بالمحكمة، وقد بدت عليه آثار التعذيب والتعب، وتم تمديد اعتقاله بعدها لخمسة عشر يوما، بعد أن لفقت الأجهزة له تهما باطلة لا صحة لها بالمطلق".
"تهمة حيازة حقيبة فيها قنبلة جاهزة للتفجير في منزله، لُفِّقت لفادي ظلما وجورا" كما تقول خطيبته، مضيفة: "المنزل لا يوجد أي شيء فيه، وعدد من العمال يعملون على تشطيبه منذ أسابيع، لكن السلطة تصر على استمرار اعتقاله دون مراعاة لكونه عريس حرمته من زفافه". والجدير ذكره أن العريس حمد هو أسير محرر أمضى سبع سنوات في سجون الاحتلال باعتقالات متفرقة، وكان أحد من خاضوا الإضراب عن الطعام للأسرى الإداريين العام الماضي لـ 63 يوماً.
تصمت العروس بعد أن تأملت صورة لفادي خلال محاكمته قبل أيام، وتقول: "بدا فادي شاحباً، متعباً، وقد علمنا أنه أضرب عن الطعام منذ اعتقاله، وتعرض للتعذيب والضرب، لكن عزيمته قوية، وعزيمتنا ستبقى كذلك".
وفي حفل الزفاف الرمزي الذي أقيم لفادي وسيما، تقف والدة فادي لجانب عروس ابنها وتقول: "لن نضعف، ولن نبدي حزننا ولن نبكي، سنفرح رغماً عنهم".
أما أصدقاء فادي ومن قاسموه الألم والأمل في سجون الاحتلال، فقد حضروا حفل زفافه، وقد علت أهازيج الفرح والأناشيد الوطنية في الحفل الذي أقيم في منزل عائلته في بيرزيت برام الله، بمشاركة نواب وقادة من حركة حماس وجمع غفير من أقارب وأصدقاء فادي.
حكاية "سيما وفادي" ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في سلسلة قصص أبطالها أسرى محررون وطلبة جامعات ورواد مساجد، تسابقت على نهش أعمارهم سجون الاحتلال والسلطة، وحرمتهم من أجمل أيام حياتهم، إلا أن كثيراً من تلك الحكايا بقيت مكبلة في عتمة التضليل والتهديد والوعيد، الذي يحياه مواطنو الضفة مع استمرار نهج التنسيق الأمني والاعتقال السياسي.