قائمة الموقع

"أعيدوا أبي لعلاجي".. دمعة طفل حرمته السلطة حضن والده

2015-09-20T13:59:41+03:00
صورة للطفل ووالده
نابلس- الرسالة نت

جلست تمسح على رأس صغيرها المريض بالمستشفى، تخفف عنه آلاماً لم يعرف لها الأطباء سبباً، تارة تحاول أن تهدئ من روعه: "أنا معك وبقربك وإن غاب والدك عنا"، وتارة أخرى تدمع عيناها شوقاً لرضيعتها التي تركتها لتلازم المستشفى مع بكرها، بعد أن غيّب الاعتقال السياسي والده.

"مسئولية كبيرة وحملٌ ثقيلٌ على كاهلي، أيام قاسية أعيشها في غياب زوجي ومرض ابني، وتركي لرضيعتي في المنزل بعيداً عني"، كلمات لخصت معاناة العشرينية دعاء، زوجة المعتقل السياسي كامل حمران (28 عاما) من مدينة جنين، والمعتقل لدى جهاز المخابرات منذ الرابع عشر من يونيو/ حزيران الماضي.

وتلازم دعاء المستشفى مع طفلها البكر إسلام (عامين ونصف) منذ نحو ثلاثة أسابيع، بعد إصابته بالحمى، دون أن يتوصل الأطباء لسبب الحمى، عدا عن معاناته من مرض تأخر النمو الإدراكي، وهو مرض نادر يصيب واحد من مليون طفل، ويتطلب علاجاً تأهيلياً طويل المدى.

تقول دعاء التي أطلقت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي على لسان ابنها تحت عنوان "أعيدوا أبي لعلاجي" لـ"الرسالة "ندائي واستغاثتي لم يلقيا أي صدى، اعتقل زوجي عند المخابرات، قبل شهر رمضان بأسبوع واحد، حُرمنا من وجوده معنا في رمضان والعيد، والآن يأتي عيد الأضحى، ومرض ابني إسلام، وتحرمنا السلطة من وجوده معنا".

ورغم حصول حمران على قرار بالإفراج في الثامن والعشرين من أغسطس/ آب الماضي، إلا أن جهاز المخابرات يرفض إخلاء سبيله.

وحول اعتقال زوجها تقول دعاء "اختطف كامل من مكان عمله في جنين، فهو يعمل في حفر الآبار، رغم حصوله على شهادة بكالوريوس بالكيمياء، لكنه حرم من الوظيفة بسبب انتمائه السياسي".

ومنذ لحظة اعتقاله، لم تتمكن عائلة حمران من زيارته سوى ثلاث مرات، فأجهزة السلطة تتعمد نقله لسجون في محافظات بعيدة عن مكان سكن عائلته حتى لا تتمكن من زيارته والتواصل معه.

وتشير دعاء إلى أن زوجها تنقل بين سجون جنين وبيت لحم ونابلس ليستقر الآن في سجن أريحا، مضيفة "تعرض كامل للتعذيب ولظروف اعتقال صعبة للغاية، وأضرب عن الطعام لفترات طويلة، في ظل قلقه الدائم على ابننا إسلام، الذي يحتاج لرعاية خاصة وعلاج متواصل، فأي تأخر في علاجه التأهيلي يضاعف من حالته".

ويرقد إسلام على سرير المرض في مستشفى رفيديا في نابلس، في الوقت الذي اضطرت فيه الأم لترك رضيعتها "خديجة" في المنزل بعيدة عنها، لتبقى بجانب طفلها المريض.

ولطبيعة المرض الذي يعاني منه إسلام، وعدم قدرته على الكلام، حيث لا يستطيع التعبير عن حاجاته إلا بالبكاء، تضطر دعاء لملازمته طوال الوقت لخصوصية حالته، وتقول "لو كان زوجي معي لبقي مع إسلام، واعتنيت بخديجة التي حرمَت مني رغم صغر سنها، فأنا لا أتمكن من الذهاب لها سوى مرة واحدة في اليوم لأرضعها، ثم أعود للمستشفى، ومؤخرا لم تعد تقبلني بسبب بعدي المتواصل عنها".

أما إسلام، الذي ساءت حالته الصحية في غياب والده، فيكتفي بالنظر لما حوله، والبكاء والصراخ للتعبير عن شوقه لوالده وافتقاده له، حيث تقول دعاء "قبل أن يدخل المستشفى وتسوء حالته الصحية، كان إسلام يقف على باب البيت باكياً في الوقت الذي اعتاد على عودة والده فيه من العمل، فأعلم حينها أنه اشتاق لوالده ويريده، لكنه لا يستطيع التعبير بكلمة واحدة عن ذلك".

وفي الزيارة الأخيرة للأب المعتقل في سجن أريحا قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، كان إسلام في بداية إصابته بالحمى، احتضنه والده وقبّله بشوق كبير، في حين بقي إسلام متمسكاً بوالده بقوة، ولا يريد أن يخرج من عنده أو يتركه عند انتهاء موعد الزيارة.

تسترجع دعاء تفاصيل تلك اللحظات، وتقول: "احتضن كامل أطفاله وسألني عن إسلام، وصحته، وهل أتابع معه العلاج التأهيلي، أخبرته حينها أننا انقطعنا خلال تلك الأيام لإصابته بالحمى، وأني سأعود للتأهيل فور شفائه، فقال لي "أخاف أن يحصل شيء لإسلام لا قدر الله وأنا لست معكم"، لكني طمأنته أن حالة إسلام جيدة وسيتعافى".

يذكر أن الاعتقال الأخير لكامل هو الثامن في سجون أجهزة السلطة، على خلفية انتمائه السياسي، كما تواصل ذات الأجهزة اعتقال شقيقه علي الذي اختطف من منزله في بلدة الهاشمية قضاء جنين، ليتنقلا في عدة سجون ويتعرضا للتعذيب كما أكدت عائلتهما.

اخبار ذات صلة
أعيدوا لي أبي ...
2010-08-08T17:02:00+03:00