لم يعد هناك مجال للغموض وكانت الكلمات واضحة وضوح الشمس سهلة الفهم ولا تحتاج إلى كثير من الجهد كي تقهم ويتم استيعابها من الجميع وذلك في الرؤية التي قدمها السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والتي عبر عنها في مؤتمره الصحفي الذي عقد في الدوحة الإثنين الماضي والذي يمكن أن نوجزه في جملة واحدة وهي أنه خطاب فصّل فيه مجمل موقف حماس والتي عبر عنه غالبية القادة السياسيين للحركة، وجاء خطاب مشعل كي يجمل هذا الموقف بكلمات لا تقبل التأويل ولا تعصى على الفهم لمن يريد أن يفهم.
رؤية حماس للحل ليست بعيدة عن رؤية غالبية القوى والفصائل الفلسطينية إلا من يجد في هذه الرؤية ما يشكل ضررا على مكاسبه التي اكتسبها خلال السنوات الماضية التي غابت فيها القضية الفلسطينية في بحر الخلاف والانقسام الذي مر به الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، رؤية حماس لا تختلف عليها كثيرا من القوى الحيوية والفاعلة على الساحة الفلسطينية.
مشعل عندما تحدث عن القدس وما تتعرض له من عمليات إجرامية على يد الصهاينة من تهويد وتقسيم زماني، وما يتعرض له الفلسطينيون على أيدي المستوطنين من قتل وحرق واعتداءات مستمرة يحتاج إلى وحدة موقف فلسطيني لمواجهة هذا الإجرام الصهيوني كي يضع حدا له، وحذر مشعل الاحتلال والغرب من غضبة فلسطينية وعربية وإسلامية حال طبق الصهاينة المدعومين من هذا الغرب مخططاتهم في فرض التقسيم الزماني والمكاني على القدس ودعاهم جميعا إلى عدم اختبار الغضب الفلسطيني مؤكدا أن كل أشكال المقاومة يجب أن تفعل ضد الاحتلال وعلى رأسها المقاومة المسلحة.
مشعل عندما تحدث في رؤية حماس للحل ركز على الوحدة والتي يجب أن تتحقق وركز على الشراكة في القرار الفلسطيني السياسي والعسكري والأمني كخارطة طريق من أجل إقامة شراكة فلسطينية حقيقية بعيدة عن الإقصاء والتفرد.
دعوة مشعل إلى ضرورة عقد الإطار القيادي للأمناء العامين لترتيب الوضع الفلسطيني وترتيب منظمة التحرير والإعداد الجيد للمجلس الوطني بتوافق الكل الفلسطيني وبرؤية وبرنامج وطني متفق عليه هي ليست دعوة حماس بل هي دعوة الشعبية والديمقراطية والجهاد والعديد من القوى الفلسطينية.
المطالبة بتأجيل عقد المجلس الوطني باتت اليوم مطلبا الكل الفلسطيني من بينهم جزء من حركة فتح لأن المطالبين بالتأجيل يرون أن هذا الانعقاد باطل قانونا وباطل وطنيا، وأن هذا الانعقاد سيعزز الانقسام ولن يؤدي إلى تعزيز مكانة المنظمة لأنه انعقاد مختلف عليه وجاء على عجل وبهدف بعيد عن المصلحة الوطنية ويهدف في الأساس لخدمة ما يسعى محمود عباس إلى تحقيقه وهو الانتقام وإزاحة بعض أعضاء التنفيذية الذين يشكلون حجر عثرة أمام تحقيق ما يسعى إليه وحتى يعزز من إحكام السيطرة على مؤسسات المنظمة والتي لم يبق فيها الكثير الذي يمكن أن يُبكى عليه.
دعوة مشعل إلى انعقاد المجلس التشريعي وتشكيل حكومة وحدة وطنية حتى الوصول إلى الانتخابات هي أيضا مطلب للكل الفلسطيني وليراجع من لا يرى ذلك الخطاب الإعلامي للفصائل والقوى الفلسطينية حتى يتأكد مما أقول، لذلك دعوة مشعل هي توافق فلسطيني وإن لم يعقد هذا التوافق؛ لأن الكل يستشعر الخطر ويرى فيما تحدثت به حماس أنه يمثل موقفا وطنيا جامعا.
مطالبة مشعل باللقاء بين الكل الفلسطيني من أجل بناء إستراتيجية فلسطينية نضالية جامعة تحدد فيها الأهداف والوسائل لتحقيق هذه الأهداف لمواجهة الاحتلال الصهيوني هي أي أيضا مطلبا جامعا دعت إليه الكثير من القوى الحية في الشعب الفلسطيني يتم فيها تقييم المرحلة السابقة والبناء لمرحلة جديدة يكون الفلسطينيون فيها جسدا واحدا في مواجهة المخطط الصهيوني.
مشعل في خطابه قدم رؤية وطنية شاملة جامعة واعتقد أنها فرصة مناسبة بعيدة على تسجيل النقاط على بعضنا البعض وهي رؤية متقدمة واضحة لا يختلف عليها غالبية الشعب الفلسطيني وهي مناسبة جيدة كي تلطقت من عباس وحركة فتح وتدفع إلى ذلك كافة القوى حتى نتجاوز مرحلة الخلاف والانقسام ونعيد الوحدة للجسم الفلسطيني بعد أن تمزق وأصابه العفن، فهل تجد دعوة مشعل آذانا صاغية من عباس وحركة فتح، واعتقد أن من يريد إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني عليه أن لا يرفض هذه الرؤية وأن لا يقبل مناقشتها مع الكل الفلسطيني على قاعدة تغليب المصلحة الوطنية العليا.