قائد الطوفان قائد الطوفان

كيف سنواجه الاحتلال في المعركة القادمة؟

مناورات عسكرية اسرائيلية
مناورات عسكرية اسرائيلية

وسام عفيفه    

"كي تواجه العدو يجب أن تفكر بعقله" هذه إحدى النتائج المهمة التي خرجنا منها عقب جولات القتال والمواجهة المسلحة مع قوات الاحتلال والتي كان آخرها وأهمها الحملة التي أطلق عليها الرصاص المصوب (2008-2009)

الدروس والعبر التي نجمت عن العدوان الأخير ضد غزة كثيرة ومهمة وتؤسس للمواجهة القادمة ,التي يمكن أن تنشب في أي لحظة رغم استبعادها في الوقت الراهن.

احدى اهم النتائج المستخلصة أن المواجهة العسكرية يتم استثمارها من اجل تحقيق انجاز سياسي وبالتالي عند خروج الجيش من ميدان المواجهة والعودة الى ثكناته يحرص الاحتلال ان يقدم إلى الجمهور الإسرائيلي رزمة انجازات ,عسكرية وسياسية.

المطلب الأساسي من جيش الاحتلال اليوم هو أن يزيد المدة بين جولات المواجهة وان يتضاءل قدر المستطاع أمد كل جولة وضررها. وذلك من خلال ردع (المقاومة) عن العمل في مواجهة "دولة الاحتلال".

في المقابل وأمام هذه النتائج يفترض أن تضع المقاومة رأس أهدافها الجبهة الداخلية الإسرائيلية وتجبرها العيش في قلق دائم وان الهدف الاول من العمليات العسكرية التي يشنها جيشهم لم يتم تحقيقه.

كما يجب ان تضع المقاومة خطوطا حمراء أمام الاحتلال, إذا تجاوزها فانه يخل بذلك بقواعد اللعبة, لهذا لا توجد تهدئة كاملة, ولا تهدئة مجانية.

هجوم ودفاع

رغم أن الخطة الأساسية للمقاومة هي دفاعية بالدرجة الأولى, إلا انه يجب ان لا تعتمد على تكتيك محدد وعليها بل الدمج بين أكثر من أسلوب من اجل ذلك يتوجب تنفيذ أمرين:

- الاعتماد على هامش واسع للمناورة بهدف منع الاحتلال من تحقيق أفضلية بتدمير الخطوط والبنية التحتية الدفاعية, وبالتالي شل قدرة المقاومة وكذلك لتفادي قدر الإمكان النيران الكثيفة التي يعتمد عليها,وهذا الأمر يتطلب خططا متحركة – تشكيلات صغيرة – مواقع متغيرة –الابتعاد عن العمليات الروتينية.

- يجب ان يكون لدى المقاومة بنك أهداف يخدم عمليات هجومية نوعية -إلى جانب الخطة الدفاعية- وذلك بهدف ضرب العدو في عقله ,وتذكيره بانه  يدفع ثمنا باهظا أيضا وعليه دائما أن لا ينسى ذلك.

- على المقاومة أن تبني إستراتيجيتها القتالية على الصمود أطول فترة ممكنة من المواجهة, وإطالة أمد المعركة قدر الإمكان لان عنصر الوقت لا يلعب في صالح الاحتلال وان المواجهة الطويلة ترهق الجبهة الداخلية الإسرائيلية من جانب وتمس ثقة المستوى السياسي بقدرة الجيش على تحقيق الأهداف التي وضعها,كما ان المجتمع الدولي ينزعج من مواجهة طويلة في منطقة الشرق الأوسط,إلى جانب أنها تسبب إحراجا للأنظمة العربية وتمنح الشعوب فرصة للتحرك.

- على المقاومة ان لا تقرر وقت المواجهة وحدها دون التشاور مع الجبهات الأخرى المساندة ,ومراعاة الظروف التي تمر بها حتى لا ينجح العدو على عزل جبهة المواجهة عن الجبهات الأخرى والاستفراد بها.

 تكتيك المعركة

احد أهم الأسلحة التي باتت تؤرق العدو هو سلاح الصواريخ في المعركة ,وخلال السنوات الأخيرة يبذل العدو جهودا كبيرة ويصرف مبالغ طائلة لحل هذه المعضلة التي تمس قلب العدو وتؤثر على الجبهة الداخلية ,لذا من الطبيعي ان تسعى المقاومة بكل إمكانيتها على تطوير هذا السلاح وملائمة آليات الإطلاق وتوزيع منصات الصواريخ لتفادي علميات الاستهداف السريعة والمركزة وذلك من خلال الآليات التالية:

- تعدد وتغيير مسارات الإطلاق من خلال زيادة عدد منصات الإطلاق وتوزيعها على أوسع بقعة جغرافية ممكنة في أنحاء القطاع كافة (على سبيل المثال), واعتبار أن رشقه الصواريخ التي تخرج من منصة أصبحت "محروقة" والاعتماد على بدائل جاهزة.

- توجيه الصواريخ نحو المناطق الحيوية بحيث يؤدي سقوط الصواريخ فيها إلى أضرار موضعية من خلال الإصابة المباشرة او أضرار غير مباشرة بسبب شلل الحركة,والاحتياطات الأمنية المكلفة. 

- ينبغي على المقاومة المساهمة في إخراج المشهد الأخير للمعركة وتفويت الفرصة على الاحتلال بالظهور انه صاحب الضربة الأخيرة قبل نقطة النهاية , وذلك بترك مفاجأة اللحظة الأخيرة.

توقيت المواجهة

رغم أن الاحتلال هو صاحب اليد الطويلة من حيث القوة والقدرات العسكرية ,وبالتالي هو من يملك زمام المبادرة في تحديد ساعة الصفر ,الا انه على المقاومة أن يكون لها دور في تحديد مكان وزمان المواجهة, بمعنى آخر ,يجب آن لا تنجر المقاومة إلى معارك لم تستعد لها مطلقا إذا كان بمقدورها ذلك,  ولكن كيف ذلك؟:

- من خلال إشعار العدو أن التهدئة القائمة أكثر فائدة له من المواجهة.

-عدم التعاطي مع الاستفزازات والمناورات والتصعيد الإعلامي.

- أفضل طريقة تمنع المقاومة بها العدو من تحديد موعد المواجهة هي أن تحافظ على الغموض فيما يتعلق بقدراتها واستعداداتها العسكرية,وان توصل رسائل مبطنة أنها مستنفرة ,وبالتالي فان المواجهة غير محسومة النتائج,في حين إذا انكشفت قدرات المقاومة  وضعفها فان ذلك سوف يغري العدو بالهجوم.

الخلاصة

أثبتت المواجهات مع الاحتلال خلال السنوات الأخيرة سواء مع حزب الله أو حماس ان زمن الانتصارات الحاسمة التي كان ينعم بها جيش الاحتلال ضد الجيوش العربية قد ولى, فلم تعد المعركة تنتهي بالضربة القاضية .

المعارك تنتهي اليوم بتسجيل النقاط, وحجم الأثر الذي يتركه كل طرف لدى عدوه, ولهذا يجب أن تستعد المقاومة لتسجيل نقاط في قلب وعقل الاحتلال ,الهدف الاستراتيجي اسقاط نظرية الدولة الامنة من جانب, وإنعاش هاجس التهديد الوجودي,وتشكيل سياج حام للمقاومة وللمدنيين من خلال خلق نوع من الردع .

أما فيما يتعلق بنهاية كل معركة فأمام إصرار المقاومة على التحدي والصمود حتى النهاية,يجب أن لا تستنفذ المقاومة كل قدراتها لذا عليها أن تترك طريقا خفيا للوسطاء بأنه يمكن الوصول لوقف إطلاق نار , لكن لا يسجل انه انتصار للاحتلال .

 

البث المباشر