قائد الطوفان قائد الطوفان

مخابئ تنظيم "ولاية سيناء"

القاهرة-الرسالة نت

لا تزال تعقيدات الأزمة في سيناء قائمة، على الرغم من محاولات قوات الجيش المصري إنهاء وجود الجماعات المسلّحة، من دون التمكّن من تحقيق ذلك على مدار ما يزيد من عامين.

وأظهرت عملية "حق الشهيد" التي قام بها الجيش المصري، أخيراً، أن تنظيم "ولاية سيناء" لديه أماكن لإخفاء سياراته ومعداته الثقيلة، بعيداً عن أعين الجيش.

 فقد اختفى عناصر "ولاية سيناء" مع الأيام الأولى للحملة العسكرية، ولكن سرعان ما عادوا للظهور في عمليات استهداف آليات عسكرية ومواجهة بعض قوات الحملة العسكرية.

وتقول مصادر في سيناء، إن المسلحين يلجأون إلى الدروب والجبال للاختباء والتمركز، ومن ثم الانطلاق لتنفيذ عمليات. واستطاع "ولاية سيناء" تنفيذ عمليات عدة في 16 يوماً لعملية "حق الشهيد"، منها اغتيال لواء وعميد شرطة، الأول خلال تواجده في أحد الحواجز، والثاني أمام منزله، وأمس الأول السبت، نفذ عملية أخرى أدت إلى مقتل 4 مجندين، وإصابة 12 آخرين.

واللافت أن مكان العمليات كان في مدينة العريش، التي تُعتبر نقطة تمركز تخطيط عمليات الجيش والشرطة.

 كما نفذ التنظيم المسلح عمليات استهداف آليات عسكرية إما بصواريخ "كورنيت"، أو باستخدام العبوات الناسفة، فضلاً عن مقتل عدد من الجنود والضباط، وإصابة آخرين.

وذكر المتحدث الرسمي العسكري العميد محمد سمير، في بيان عن حصاد العملية العسكرية في ختام مرحلتها الرئيسية، أن القوات المسلحة تمكنت من إحكام السيطرة على كافة الطرق والمحاور الرئيسية والفرعية في مدن رفح، الشيخ زويد، العريش والقرى المحيطة بها.

 لكن هذا الأمر يصعب التثبت منه في ضوء تحركات عناصر التنظيم المسلح بشكل طبيعي، واستهداف الآليات وتنفيذ العمليات.

وبشأن سيارات الدفع الرباعي، أعلن الجيش المصري "تدمير معظم عربات الدفع الرباعي المسلحة والدراجات التي تستخدمها العناصر الإرهابية في عملياتها الإجرامية"، بيد أن الصور التي بثها المتحدث العسكري تُظهر سيارة واحدة متفحمة، ودراجة نارية واحدة أيضاً.

وعن استهداف المدنيين، خلال العمليات العسكرية، أكد البيان أن القوات المسلحة وعناصر الشرطة، التزمت بتنفيذ مهام الخطة بأقصى درجات الحيطة والحذر للحفاظ على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة لأهالي سيناء.

ولكن طبيعة الوضع تفنّد عكس ما جاء في البيان، إذ تزايدت الانتهاكات من الجيش والشرطة في حق الأهالي، من خلال اعتقالات عشوائية وإطلاق الرصاص بشكل عشوائي على السكان أو من يتم الاشتباه به من دون تحقق.

وأعلن المتحدث العسكري، وجود تنسيق وتعاون بين أفراد القوات المسلحة والشرطة المدنية مع أهالي سيناء، فضلاً عن الترحيب غير المسبوق للتعاون المشترك للسيطرة على الأوضاع الأمنية وتمكينهم من استعادة حقهم في الحصول على الأمن والاستقرار.

بيد أن أحد أسباب عدم حسم الجيش المعركة في سيناء، هو عدم تعاون الأهالي، إما اعتراضاً على الانتهاكات بحقهم أو خوفاً من بطش المسلحين.

واكتسب الجيش المصري عداوات كبيرة من أهالي سيناء، بعد القتل العشوائي والاعتقالات والتصفيات الجسدية، لأشخاص غير متورطين في أعمال عنف، وسط استياء كبير من شيوخ القبائل.

وتقول مصادر من سيناء، إن العناصر المسلحة تخرج إلى الجبال والصحراء مع الحملات العسكرية المكبرة، منعاً لاعتقالها أو الوشاية بها من متعاونين مع الجيش والشرطة.

وتكشف عن وجود عناصر تابعة للتنظيم مهمتها فقط رصد تحركات الجيش والشرطة، وإبلاغ قيادات التنظيم، ومن ثم اتخاذ ما يلزم لتفادي الإيقاع بأحد العناصر.

 وتلفت إلى أن كل المعتقلين الذين أعلن عنهم الجيش، ليسوا تابعين للمسلحين، متسائلة "هل من الطبيعي أن يعرف المسلحون بوجود عملية عسكرية، ويبقون في أماكنهم؟".

وتشير المصادر إلى أنه مع بداية العمليات العسكرية قبل عامين، كان المناصرون والمؤيدون للتنظيمات المسلحة، لا يبيتون في منازلهم، ويتنقلون بين عدد من الأقارب أو الجبال والدروب في الصحراء، في مناطق لا يمكن لعناصر الجيش الوصول إليها، مشيرة إلى أنه خلال الفترة الحالية هناك أماكن لتجمّع المسلحين غير معروفة في مناطق صحراوية وبين الجبال، وتلك المناطق كفيلة بإخفاء سيارات الدفع الرباعي التي يعتمد عليها عناصر التنظيم في عملياتهم.

وتقول المصادر إن الأماكن التي هجّر الجيش منها أهلها باتت ملاذ المسلحين ونقاط انطلاقهم في العمليات، لافتة إلى أن عملية التهجير أسهمت في فعالية تواجد العناصر المسلحة في تلك المناطق، التي باتت خاوية ومسرح عمليات بين الجيش والمسلحين.

 في المقابل، يقول الخبير العسكري اللواء طلعت مسلم، إن عملية استهداف المسلحين، لا بد أن تتم بدقة عالية حتى لا يكون هناك خسائر من المدنيين.

ويضيف مسلم، أن الأزمة هي في اختباء العناصر المسلحة في مناطق صحراوية وعرة خلال العمليات العسكرية، وهو ما يستدعي تعاملاً مختلفاً.

 ويشير إلى أن قوات الجيش تعمل على عزل المسلحين عن الأهالي من خلال اعتقال المتورطين والمتعاونين مع المسلحين، ومن ثم عزلهم عن الجماعات المسلحة، وملاحقة تلك الجماعات في الصحراء.

من جهته، يقول الخبير الأمني العميد محمود قطري، إن أزمة القوات في سيناء هي عدم وجود معلومات دقيقة حول أعداد المسلحين وأماكن تواجدهم وتمركزهم.

ويضيف قطري، أن التنظيمات المسلحة لن تنتهي إلا مع اختراقها والدفع بالعناصر الأمنية إلى داخلها لمعرفة أسرارها ومن ثم التعامل بناء على تلك المعلومات.

 ويشير إلى أن أهالي سيناء وفي ظل الأوضاع السيئة التي يعيشونها، لا يتعاملون مع الجيش والأجهزة الأمنية للإبلاغ عن العناصر المسلحة، فضلاً عن تهديدات التنظيم بقتل من يتعاون مع الأمن.

العربي الجديد

البث المباشر