تتصاعد التنافسية الفلسطينية بين الضفة الغربية والقدس من جانب وقطاع غزة من جانب آخر، وقد خلقت الوسائل والأساليب ومصطلحات المقاومة جسرا للتواصل في ظل حالة الفصل والتقسيم الإجباري بفعل الاحتلال.
على سبيل المثال: انفردت غزة وحازت السبق باستحقاق خلال العدوان الأخير 2014 بمصطلح "اشتباك من نقطة صفر"، لكن خلال الأيام الأخيرة وبعد أن سطع الغضب من القدس، أصبحت عمليات الطعن، وإطلاق النار في الضفة أيضا من نقطة صفر، كما حدث في عملية ايتمار التي قتل فيها مستوطنان الأسبوع الماضي، بل إن مواجهات الشبان على امتداد النقاط المشتعلة في معظمها تصل إلى نقطة صفر.
الإطار المشتعل والحجر المنطلق والهتاف الغاضب والسكين الضارب وكلمات وداع أم الشهيد كلها مكونات ثقافة المقاومة، تتكامل مع صواريخ وأنفاق وضفادع غزة، وما يميزها اليوم أن جل من يحملها في الضفة هم الجيل الناشئ من 15-20 عاما، أولئك الذين لم تطلهم عمليات التدجين والترويض بفعل التنسيق الأمني، ولا التسييس الانبطاحي، إنه الجيل الذي تربى على دوي انفجار صواريخ المقاومة المنطلقة من غزة لتسقط في البلدات الإسرائيلية المجاورة، الجيل الذي اكتشف حقيقة الجيش الذي لا يقهر على تخوم القطاع في مواجهات البر والبحر، لهذا ارتفع منسوب الجرأة والإقدام في المواجهات على نقاط التماس بالضفة، وأخطر ما يخشاه الاحتلال: أن يجد روح غزة تطارده في الضفة.
قد ينشغل ويجتهد المحللون والخبراء والتنظيمات في توصيف ما يحدث اليوم في الضفة والقدس وربما فلسطين ال48، هل هي انتفاضة ثالثة، هبة جماهيرية، أم موجة غضب؟، لكن المعطيات تشير إلى أن الجيل الصاعد ربما يبدع شكلا جديدا يقترب من هذه التوصيفات لكن بمميزات جديدة تتأقلم مع المتغيرات والمعطيات الميدانية والأمنية في الضفة، بحيث تحافظ على ديمومتها متجنبة الاستنزاف السريع من الاحتلال، وتناور التنسيق الأمني لتفادي محاولات الإجهاض الداخلي.
إذا قدر لهذه الهبة أن تتواصل سوف تفاجئنا بوسائل وطرق جديدة وستدخل قاموس المقاومة مصطلحات خلايلية ومقدسية ونابلسية، نتغنى بها وينشدها الزجال، وستتحول إلى وجع رأس في الصحافة الإسرائيلية، تماما كما أطلقت على أنفاق غزة الرعب القادم من الجنوب، "عندها راح ندبك على أغنية جديدة: "ضفاوي ولع ولع".