مقال: يا ضفة الأحرار امض لا تترددي

بقلم: مصطفى الصواف

الانتفاضة مستمرة في فلسطين كل فلسطين بجغرافيتها وديموغرافيتها وهذا دليل عافية على أننا أمام انتفاضة ثالثة آخذة بالاشتعال والتمدد حتى شملت فلسطين كل فلسطين من الناصرة شمالا وحيفا ويافا غربا مرورا بالرملة وأم الفحم وكفرمندا انطلاقا من القدس وصولا للخليل ورام ونابلس وبقية مدن وقرى ومخيمات الضفة وامتد العمل المقاوم حتى كان للقطاع دور كبير في دعم انتفاضة القدس قبل أن تندلع المواجهات مع قوات الاحتلال على حدودها الشرقية وأبت غزة المثقلة إلا أن تسرج انتفاضة القدس بالدم وقدمت حتى اللحظة تسعة شهداء آخرهم سيدة حامل وطفلتها الليلة الماضية في أعقاب الغارة الجوية الصهيونية بالقرب من منطقة المغراقة جنوب مدينة غزة.

هذا الامتداد الجغرافي دليل تلاحم شعبي منقطع النظير فاجأ العدو قبل الصديق وخرج عن نطاق التوقع ويرصد إرادة جماهيرية قوية ومصممة على الاستمرار في مواجهتها للعدو حتى تضع حدا لهذا الإرهاب الصهيوني الذي تمدد بشكل ظن الاحتلال أن الأرض خلت لهم وأن بإمكانهم أن يفعلوا كل ما في وسعهم من جرائم وإرهاب وتهويد وتوسع استيطاني ونسوا أنهم أمام شعب لديه قدرة عالية على الصبر وكظم الغيظ؛ ولكن عندما يصل الأمر بالمس بالمقدسات بالتطاول والاعتداء على الحرائر،  بارتكاب كل الموبقات جهارا نهارا يخرج من صبره ويخلع ثوب كظم الغيظ ويخرج بسكينه وساطوره وحجره ورصاصه ليقول ما زلت موجودا حيا مدافعا ليرهب عدوه ويخلط عليه الأوراق ليس هو فقط بل ومن هم حوله ومؤيدوه الذي ظنوا بالفلسطينيين الظنون.

الاحتلال ومستوطنيه أكدوا على أنهم فقدوا الأمن لأن الانتفاضة وصلت إلى عمق كيانهم في وسط بلداتهم وفي شوارعهم ومحالهم التجارية حتى عمت أماكن عديدة سكاكين الفلسطيني المنفض، أفقدتهم الشعور بالأمن، أفقدت قواتهم القدرة على السيطرة رغم التعاون الأمني المتواصل غير المنقطع مع أجهزة أمن محمود عباس والسلطة في رام الله.

هذه الانتفاضة بحاجة إلى كل أشكال الدعم والتأييد السياسي والمعنوي والإعلامي والمادي واللوجستي من كل من يؤمن بحق الشعب الفلسطيني في الحرية والانعتاق من الاحتلال المجرم القاتل، هذا الدعم مطلوب من الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم في كافة المجالات.

هذه الانتفاضة بحاجة إلى وحدة حقيقية سياسية فلسطينية بعد أن توحد الميدان بكل الأطياف والتنظيمات وغير التنظيمات لأن هؤلاء يؤمنون أنهم أصحاب الأرض والوطن والقضية، اليوم يجب أن يقرر الشعب ويتخذ ما يلزم لاستمرار هذه الانتفاضة رغم انف من لا يريد ورغم إرادة من يريد المتاجرة بالدماء وتحقيق المكاسب والمصالح الشخصية. يجب على الجمهور أن يضع الجميع أمام مسئولياته ومن لا يريد يجب أن يوضع له الحد حتى لا يتمادى في تدمير المشروع الوطني.

أهلنا في الضفة كل الخيارات أمامكم مفتوحة وأنتم أصحاب القرار، وإرادتكم هي التي تقرر، ولا تلتفتوا إلى كل الدعوات التي تحول بينكم وبين تحقيق إرادتكم وهدافكم، آلاف البنادق أمامكم استولوا عليها كي تواجهوا بها عدوكم الذي لن يتردد في استخدام كل ما لديه من قوة، نعلم أن ما لديكم لا يقارن بما لدى العدو؛ ولكن إرادتكم أقوى، وبالإمكان بأي شكل أن تستولوا على الأسلحة الرشاشة التي من المفترض أن تكون لحمايتكم لا لحماية عدوكم، حاولوا بكل الوسائل الوصول اليها بالتحايل بالاتفاق بالخطف دون أن تتعرضوا للأذى أو تعرضوا حملة هذه البنادق، لا نريدها مواجهة مع حملة السلاح بل نريد السلاح لمواجهة العدو وتعزيز المواجهة وإيذاء العدو وإلحاق الخسائر البشرية والمادية.

امضوا أهلنا في ضفة الأحرار ولا تترددوا، فعدوكم لا يرحم، فلا ترحموه وأثخنوا به وإن كلفكم ذلك الشهداء والدماء فالحرية بحاجة إلى ثمن، يا أهلنا في فلسطين المحتلة من 48 لا تخشوا عدوكم فهو جبان. ساندوا أهلكم وقفوا في وجه عدوكم مدافعين عن الأقصى والمسرى، أيتها المقاومة في غزة حكمي العقل ولا تنجري خلف استفزاز العدو الذي يريد حرف البوصلة، فالانتفاضة بحاجة إليكم؛ ولكن في الوقت المناسب، كونوا المقررين متى تشتبكوا مع عدوكم لا أن تجعلوا هذا العدو يجركم إلى ما يهدف إليه من خلال مواجهة بينكم وبينهم تحرف البوصلة ولفت الانتباه عن انتفاضة القدس التي سيكون لها ما بعدها.

البث المباشر