بالحجر والسكين قلب الفلسطيني الموازين وأدخل دولة الاحتلال في حالة رعب شلت معظم مدنه التي باتت شوارعها ومحالها خاوية، الا من الذين يسيرون متلفتين حولهم خشية ان يخرج لهم فجأة أحد الفدائيين مستلاً سكينه.
ورغم أن البعض يرى بأن انتفاضة القدس عادت للصفر في الأدوات والوسائل المستخدمة في مقاومة المحتل، حيث بدأت من انتفاضة الحجر عام 1987 وبدايات انتفاضة القدس عام 2000، الا أن فرص تطورها تبدو كبيرة خاصة وأنها ما زالت في مهدها، ولم تنهي اسبوعها الثالث بعد.
اللافت أن عمليات الطعن هي السمة المميزة لهذه الانتفاضة منذ تفجرها بداية اكتوبر الجاري وحتى الان فلم يمر يوم دون ان يشهد محاولة طعن واحدة على الاقل، ما يعني ان السكين الى جانب الحجر هو سلاح انتفاضة القدس حتى الان على الاقل.
استخدام وسيلة بدائية في مقاومة الاحتلال يمكن أن نعزوها لعدة أسباب أبرزها أن استخدام السكين والحجر حتى الان يعني ان الانتفاضة شعبية بالدرجة الاولى ويؤكد ان منفذي عمليات الطعن لا ينتمون لأي فصيل فهم قاوموا بالوسائل المتاحة امامهم ولم يلجئوا لفصيل يدرب ويسلح.
ومن أبرز الاسباب ايضاً التواجد الامني المكثف لقوات الاحتلال في مدن الضفة الغربية والتي جعلت من تطور الوسائل القتالية ووصول السلاح للمقاومين مهمة صعبة، إلى جانب التنسيق الامني مع الاجهزة الامنية الفلسطينية والذي كان له دور بارز في اضعاف المقاومة بشكل كبير في مدن الضفة من خلال الاعتقالات السياسية للمقاومين من جميع الفصائل حتى المحسوبين على فتح والكشف عن أي خلية عسكرية وتسليمها للاحتلال.
ورغم كل الصعوبات التي تواجه المقاومين في الضفة جرت محاولات يمكن وصفها بالــ "خجولة" لاستخدام أدوات اكثر تطور مثل المسدس وهو ما جرى في عملية ايتمار في نابلس وعملية الباص في القدس والتي استخدم فيها المنفذين المسدس والسكين.
وفي تطور لافت قالت قوات الاحتلال انه جرى اطلاق عبوات ناسفة على دورية عسكرية في منطقة بيت لحم.
الخبير العسكري اللواء يوسف الشرقاوي أكد أن البنية التحتية لهذه الانتفاضة هي أفضل من سابقاتها والكرة تتدحرج بشكل متسارع ومن المتوقع ان تشهد مفاجئات خاصة مع وجود عوامل قوية في دعم الانتفاضة مثل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
وقال الشرقاوي في حديث "للرسالة" أن " وسائل المقاومة في هذه الانتفاضة متنوعة ومفتوحة على كل الاحتمالات لكنها حتى الان تأخذ البعد الشعبي"، موضحاً أنه إلى جانب ما يجري في الضفة هناك التكتل البشري في غزة والذي يجتاح الحدود يومياً وهو عامل مهم في حال تطور قد يكون نقطة فاصلة في الانتفاضة، بالإضافة لانتفاضة الداخل المحتل.
يذكر أن الانتفاضة الاولى بدأت بالحجارة لكنها سرعان ما تطورت وبدأ فعلياً العمل على تصنيع وسائل اكثر تطوراً مثل الهاون والعبوات الناسفة بعد عام على بدأ انتفاضة الاقصى وهو ما أدخلها مرحلة جديدة من الصراع كانت مؤثرة.
محاولات فصائل المقاومة وخاصة حركة حماس لم تتوقف لنقل تكنولوجيا الصواريخ والعبوات إلى داخل الضفة الغربية إلا أنه تم إحباط العديد من المحاولات، كما تم ضبط بعض قطع من هذه الصواريخ في نابلس ومناطق أخرى من الضفة، حيث تدور حرب خفية بين الاحتلال واجهزة امن السلطة من جهة وبين المقاومين واصحاب الخبرات من جهة أخرى، وهو ما كشف عنه أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام في مقابلة صحفية سابقة.
وهنا بين الشرقاوي أن أكبر مشكلة تواجه الانتفاضة هو عدم وجود قيادة والعجز الواضح من التنظيمات في توجيه الشبان وتنظيم صفوفهم، مؤكداً أنه في حال استمرار الانتفاضة وتدخل الفصائل يمكن ان نشهد وسائل اكثر تطور مثل الهاون والعبوات الناسفة.
وعزا الشرقاوي ضعف مشاركة الفصائل في الضفة حتى الان للتنسيق الامني الذي خدش كرامة المجتمع الفلسطيني وضرب بنية المقاومة، ولذلك تحتاج الفصائل الى وقت لإعادة تنظيم صفوفها ومحاولة زرع خلايا لعمل مسلح منظم في الضفة .
واعتبر ان العمل المسلح وارد بقوة ومن المتوقع ان تشهد الضفة عمليات نوعية ومفاجئات كبيرة.
وأكد الخبير العسكري انه من الضروري استخدام السلاح ولكن بطريقة موظفة بدقة دون عسكرة الانتفاضة ولكن ليس بالمعني الذي قصده الرئيس عباس في خطابه الاخير عندما تحدث عن عسكرة الانتفاضة لأنه يقصد بها هنا انه لا يريد مقاومة.
وشدد على أن الفصائل تواجه صعوبات بالغة في نقل السلاح للضفة، لذا فإن الموجود في الضفة حاليا هو سلاح الاستعراض وفي حال تطورت الاوضاع سيتحول لسلاح مقاومة.
ونوه إلى ان فرص تكرار تجربة الانتفاضة الثانية والتي بدأت بتصنيع الهاون والقاذفات الصغيرة ثم تطورت لتصنيع الصواريخ في غزة هي واردة بقوة وانتقالها للضفة يعني ان الاحتلال سيدخل مرحلة رعب لأنه سيشل دولته.
وحول امكانية تنفيذ الاحتلال لعملية السور الواقي 2 على غرار ما جرى في العام 2002 قال الشرقاوي " السور الواقي موجودة ومستمرة لان الاحتلال لم ينسحب من مدن الضفة بشكل كامل ويستطيع اجتياح مدن الضفة في اي وقت وتنفيذ اعدامات واعتقالات وهدم للبيوت".