بثت الدولة الاسلامية داعش مجموعة إصدارات مساء الأحد الماضي وجهتها إلى الشعب الفلسطيني، تدعوه لتكثيف عملياته ضد اليهود، وجعلها "خالصة لله"، وترك فصائل المقاومة وعلى رأسها "حماس"، والالتفاف حول خلافة "أبو بكر البغدادي".
إصدارات داعش التي تحرض على الانتفاضة فيها لمز مكثف لحركة حماس ودعوات صريحة للانفضاض عنها، مما يوسع الفجوة بين وجدان المسلمين ومشروع البغدادي الغامض، فمهاجمة حماس من الأخطاء الفاقعة لما تسمى بالدولة الإسلامية لما تمثله الحركة من قبول وحالة إجماع قل نظيرها، ولما تؤدي من دور محوري في مقاومة ومجاهدة الاحتلال رأس حربة الظلم في المنطقة، فتبرز هذه الإصدارات خطر هذا الفكر وغلوه وسذاجته في الوقت نفسه، وضرره واستهدافه للمشاريع الناهضة في الأمة والتي تمثل حركة حماس نموذجا متقدما.
حركة حماس أذكى من الانجرار للسجال الاعلامي ضد "الدولة الاسلامية"، فهي تركز جهدها ونضالها وتحريضها على أعداء الأمة من جهة، كما أنها تدرك عدمية الاهتمام بهكذا أصوات غير مسموعة في قطاع غزة وفلسطين عامة، تتمثل إشكالية عقلية البغدادي ومن حوله أن لديهم انحراف واضح في ترتيب الأولويات، وتشتت عشوائي يُخسرهم الكثير، فمعاداة حماس عندهم أولوية مقدمة على معاداة (إسرائيل)، ومعاداة النصرة في سوريا مقدمة على معاداة النظام، ومن هنا يتعزز رأي بعض الباحثين والمتخوفين من دولة البغدادي حول تحكم جهات استخباراتية في العقل المركزي المُسيطر في الدولة، فما يقومون به هو عملية استنزاف للأمة وجرها لصراعات تهلك قدرتها على مقاومة العدو المركزي.
إن تصدير تنظيم الدولة لأربعة تسجيلات مصورة تتحدث عن الانتفاضة وعن الشعب الفلسطيني ويهاجم من خلالها حركة حماس، "لم تأت عفويا أو اعتباطيا، فخروج الإصدارات الأربعة في وقت متزامن يدلل أن حركة حماس على وجه التحديد باتت في دائرة استهداف التنظيم، ودعوة التسجيلات إلى الالتفاف حول زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي محاولة لاستقطاب عناصر من المقاومة الفلسطينية وخصوصا من حركة حماس لكونها أكبر التنظيمات الفلسطينية المسلحة الفاعلة على الأرض".
إصدارات الدولة الإسلامية لن تلقي اذن في غزة لانهم يعرفون حماس ومجاهدي القسام ويدركون أن أي خطاب يعادي الحركة هو خطاب ولسان يخدم (إسرائيل)، ولهذا محاولتهم في استقطاب عناصر ومؤيدين كان ولا يزال محدودا جدا، ولم يصل إلى مرحلة يمكن الإشارة إليها على أنها ظاهرة، وذلك لخلو الأراضي الفلسطينية المحتلة من الصراعات الطائفية والتوترات العرقية، وهو ما يحول دون التأثر بخطاب تنظيم الدولة الإسلامية المرتكز على حساسية الاختلافات المذهبية.