في قلب الخليل ينبض حي تل الرميدة بالصمود الفلسطيني في وجه الاعتداءات الاسرائيلية على مدار عقدين من الزمن، تشهد كل ذرة تراب فيها على ظلم قطعان المستوطنين لأصحاب الأرض والحق، بينما ارتفعت أسهم نضالها في انتفاضة القدس المندلعة منذ مطلع اكتوبر الجاري.
التل المطل على البلدة القديمة وشارع الشهداء في الخليل، تصدر المشهد في فعاليات انتفاضة القدس، بإرتقاء عدد من الشهداء على ترابه، حيث تعمدت قوات الاحتلال اعدام شبان بحجة محاولتهم تنفيذ عمليات طعن ضدهم.
وفي أحد شوارع الحي ارتقى الشهيد همام السعيد إبن العشرون ربيعا، بعد أن حاول طعن جندي إسرائيلي على حاجز قلينبر، ليلحق به اليوم الشهيد اسلام عبيدو في ذات المكان الذي استشهد فيه السعيد، لتزكي دمائهم أرض تل رميدة الصامدة.
وتقع منطقة تل الرميدة تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة حسب اتفاقية الخليل التي وقعها الجانبان الفلسطيني والاسرائيلي في عام 1997 وقسمت المدينة الى قسمين واحد تحت السيطرة الفلسطينية الكاملة والاخر الذي يعيش فيه ما يقرب من 500 مستوطن تحت السيطرة الاسرائيلية.
وتشير الاحصائيات الفلسطينية الى أن هناك ما يزيد عن 11 مليون شجرة زيتون يعود عمر عدد منها الى ما يقرب من الفي عام مزروعة على حوالي مليون دونم (250 ألف فدان).
وفي التفاصيل التاريخية للتل، قال عضو تجمع شباب ضد الاستيطان مراد عمرو لـ"الرسالة نت" إن الاحتلال أقام على الاحتلال بؤرة استيطانية عام 1984، وأنشأ سبع منازل متنقلة هناك يقطنها من بين المستوطنين متطرف يدعي "باروخ مارزل" اتخذ من منزل يعود لعائلة البكري مقرا له.
أما في عام 2002 فقد تمت إضافة بناية للبؤرة وإعطاؤها ما تسمى الشرعية من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون، حيث تعد المنطقة لوحة أثرية يعود تاريخها للكنعانيين واليبوسيين منذ 7000 آلاف عام، فيما تقطنها أكثر من 300 عائلة فلسطينية وتشكل مساحتها 20% من مساحة الخليل القديمة.
ويشير عمرو إلى أن الاحتلال يسعى لتهويد المنطقة عبر نشر عشرات الحواجز نقاط المراقبة؛ نظرا لأنها منطقة مرتفعة ومليئة بأشجار الزيتون الرومية التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، ولوحظ أنه بين الفينة والأخرى يتجه لمصادرة أراض تعود ملكيتها لسكان المنطقة.
وفي جغرافية التل، فإن معظم مساحته مفلحة وتشتمل على أشجار مثمرة، خاصة أشجار الزيتون وفوق قمة التل هناك بضعة بيوت للفلسطينيين. هناك مجموعة من بيوت الفلسطينيين الأخرى التي تقع في الجزء الشمالي من تلافيف التل.
وأقام الاحتلال الاسرائيلية على التل مستوطنة "رمات يشاي". في الجزء الشرقي حيث منطقة العين، بينما تعود ملكية الأراضي لعدد من العائلات الفلسطينية (النتشة، أبو هيكل ابو رميلة البكري دوفش المحتسب الشرباتي سلايمة عمرو وغيرها).
وتعرض التل لسلسلة حفريات إسرائيلية كان آخرها مطلع شهر كانون الثاني 2014 وقد تم الحفر في أعلى التل، في المنطقة الواقعة فوق المستوطنة اليهودية وبين بيوت الفلسطينيين -جنوب غرب المستوطنة-، حيث كانت ادارة الحفر من قبل سلطة الآثار وجامعة أريئيل كجزء من تطوير منتزه أثري في التل، بتكلفة أولية تصل الى 7 مليون شيكل من ميزانية وزارة الثقافة والرياضة.
ويقول أحد سكان التل الحاج أبو محمد أبو رميلة "حي تل الرميدة أشبه ما يكون بسجن كبير محاط بمنازل فلسطينية استولى عليها المستوطنين، أينما تولي وجهك ترى البوابات والحواجز والأسلاك الشائكة".
ويشير الستيني أبو رميلة إلى أن الدخول والخروج للحي يحتاج لتصريح أو تنسيق مسبق، قد يتسغرق الحصول عليه عدة أيام، في سياسة إسرائيلية متعمدة لإجبار سكانه على ترك منازلهم وأراضيهم.
أما الحاجة فريال أبو هيكل فقد أوضحت أن سياسة التنكيل الإسرائيلية بلغت تحديد الغرف التي يمكن إضاءتها أو الجلوس فيها داخل المنزل، إذ تقول: "نخضع لأوامر الجيش والمستوطنين، ومن ضمنها أن إحدى غرف المنزل لا يمكن أن ندخلها، وأخرى يمنع إضاءتها، وباقي أجزاء المنزل محظور عليها الترميم ".
الدكتور حجازي أبو ميزر، مدير خدمات الإسعاف والطوارئ في فرع الهلال الأحمر بالخليل، أوضح أنهم لا يستطيعون دخول المنطقة إلا بعد التنسيق مع الصليب الأحمر الدولي، قائلا" يأخذ التنسيق بالعادة قرابة نصف ساعة، إلا أن الاحتلال يتعمد التأخير دائما، ومع التنسيق إلا أننا نتعرض للرجم بالحجارة من المستوطنين".