منذ اندلاع شرار الانتفاضة الثالثة وحكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة تحاول بكل قوة إخماد نيران المواجهة التي فقدت السيطرة عليها بعد أن وصلت بقعة الزيت لكافة المدن الفلسطينية.
وتسعى (إسرائيل) -التي فُوجئت بشكل المواجهة الجديدة- إلى تهدئة الأوضاع المشتعلة في مدن الضفة والقدس المحتلة من خلال تشديد الاجراءات الأمنية والعقوبات الجماعية على الفلسطينيين ظناً منها أن ذلك سيُشكل رادعا لهم.
لكن المتغيرات على أرض الواقع تبدو أنها تسير عكس التيار الذي يُريده رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو، الأمر الذي دفعه إلى التهديد بسحب الهويات الزرقاء من آلاف المقدسيين الذين يُقيمون في المدينة المقدسة.
وكانت القناة (الإسرائيلية) الثانية كشفت نية نتنياهو تشكيل طاقم مختصين ليضع الاجراءات "القانونية" لسحب الهويات من مواطنين مقدسيين في ثلاثة أحياء، وهي مخيم شعفاط للاجئين، وكفر عقب والسواحرة، وتضم مجتمعة ما يقارب مائة ألف فلسطيني، وذلك في اجتماع للطاقم الوزاري المقلص للشؤون الأمنية والسياسية، الذي عُقد قبل أسبوعين.
وفي الواقع، فإن ما نطق به نتنياهو هو تطبيق لمخطط وضعه الاحتلال وبدأ بتنفيذه منذ ما يزيد على 12 عاما، حينما شرع الاحتلال ببناء جدار بطول 46 كيلومترا، يفصل أحياء وضواحي ضخمة عن مركز المدينة، مثل العيزرية، شرق المدينة، والرام شمالاً، وغيرها فيما ينوي الاحتلال فصل المزيد من الأحياء لاحقا.
مخطط قائم
محاولة الاحتلال لإفراغ القدس من أهلها رأى فيها الباحث في شؤون القدس عليان الهندي سياسة (إسرائيلية) تأتي ضمن مخطط قائم منذ عشرات السنوات من أجل تحويل الأغلبية الفلسطينية في عدد السكان إلى أغلبية يهودية تظهر فيها أن نسبة السكان اليهود في المدينة تصل لـ 85%.
وأكد الهندي في حديثه لـ "الرسالة نت" أن حكومة الاحتلال بدأت تنفيذ المخطط بعد أن شيدت جدار الفصل العنصري وعزلت نحو 150 ألف فلسطيني خارج حدود القدس في محاولة منها لمصادرة ممتلكات الفلسطينيين في الضفة الغربية الموجودة في القدس.
وفي الجانب يتفق المختص في الشأن (الإسرائيلي) علاء خضر مع سابقه الهندي مبيناً أن نية الاحتلال مبيته لتقسيم أهل القدس لقسمين وجعل الواقع الديمغرافي اليهودي اكثر بكثير من عدد السكان الفلسطينيين.
تأثير ديموغرافي
وأوضح خضر أن سحب الاحتلال أكثر من 100 ألف هوية مقدسية يعني التأثير بشكل أكبر في الواقع الديمغرافي بمدينة القدس والتي ينظرون اليها من ناحية دينية.
وأشار خضر لـ "الرسالة نت" أن الاحتلال يطمح في الفترة الحالية إلى السيطرة بشكل كامل أو جزئي على المسجد الاقصى سواء من حيث الزمان او المكان، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن خطة كيري الاخيرة تشرعن الوجود (الإسرائيلي) داخله.
ونوه إلى تنفيذ هذا القرار سينعكس بشكل سلبي على المقدسيين الذين سيمنعون من دخول القدس بالإضافة إلى أنه سيُغير ديمغرافية المدينة التي سيُصبح أغلب سكانها يهودا.
سياسة ضغط
وعلى خلاف سابقيه استبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس د. أحمد عودة أن يلجأ الاحتلال لسحب هويات آلاف المقدسيين.
وقال عودة لـ "الرسالة نت" إن الاحتلال يهدف من خلال هذه التصريحات إلى الضغط على الفلسطينيين وخاصة أهل القدس لتخفيف الهبة الجماهرية المشتعلة في القدس والضفة.
وأضاف أن القانون (الإسرائيلي) لا يُتيح لنتنياهو أن يصدر قرارا بسحب هويات آلاف المقدسيين، مشيراً في الوقت ذاته تلك التصريحات زوبعة يستخدمها اليمين (الإسرائيلي) للضغط على الفلسطينيين للتهدئة او افشال هذه الهبة الموجودة حاليا.
وأكد أن محاولة تمرير قانون سحب الهويات في الكنيست سيكون بمثابة إعلان حرب وعملية تطهير عرقي للفلسطينيين، لافتاً إلى أن ردة الفعل عليه ستكون غاضبة دولياً وعربياً وفلسطينياً.