بسبب الوصاية على القدس

"اتفاق الأقصى".. يشعل الخلاف بين السلطة والأردن

صورة
صورة

الرسالة نت - لميس الهمص

محاولات السلطة إخفاء الخلاف بينها وبين المملكة الأردنية لم تنجح، فقد بدت مظاهره واضحة للعيان حيث ظهرت الأولى كالمتفرج في الاتفاق الذي أبرم بين الأردن ودولة الاحتلال بشأن المسجد الأقصى ولم تشارك في جلساته ولا حتى وضع بنوده.

ورغم حالة الصمت التي التزمت بها السلطة اتجاه اتفاق "الأردن - (إسرائيل) حول المسجد الأقصى برعاية امريكية إلا أنه بات من المؤكد بحسب مراقبين أن الاتفاق لا يلقى قبولاً فلسطينياً بدليل تصريحات وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الذي وصفه "بالفخ".

ولم تكن من باب المصادفة تسريب التصريح الذي تحدث عن شروط رئيس السلطة محمود عباس لـ "إيقاف الأحداث الميدانية المتصاعدة في الضفة" والتي تتنافى بشكل كلي مع الاتفاق ما يعني أن السلطة تريد احراج الأردن وإظهار بأن شروطها تختلف تماما عما يجري الحديث عنه.

وتلخصت  شروط السلطة في إرسال مراقبين دوليين إلى المسجد الأقصى، عودة الأوضاع إلى المسجد الأقصى إلى ما كانت عليه قبل العام 2000 ووقف دخول اليهود اليه، بالإضافة إلى وقف البناء في المستوطنات، والإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى.

فيما أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري السبت الماضي ان نتنياهو تعهد بأن تكون الصلاة في الاقصى مسموحة للمسلمين وحدهم، على أن يسمح لغير المسلمين بزيارته، وقال بأن نتنياهو أبدى استعداده أيضا لنشر كاميرات مراقبة تعمل على مدى 24 ساعة لمراقبة ما يجري داخل الأقصى.

ورغم إعلان العاهل الأردني الملك عبد الثاني ترحيبه بالاتفاق، وكذلك بتصريحات رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو، الذي تواصل معه دون أن يلتقيه إلى اتفاق الأقصى الجديد، رفض المستوى الرسمي في السلطة الفلسطينية تصريحات نتنياهو.

ومن الواضح أن السلطة الفلسطينية وقعت فعلا في فخ ما أقدمت عليه عام 2013 وهو توقيع اتفاق مكتوب يعيد الوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية وهو الأمر الذي كان يرفضه بشدة الرئيس الراحل ياسر عرفات.

المحلل السياسي أكرم عطا الله رأى أن ما أزعج السلطة هو الاتفاق الذي لم تكن طرفا فيه، وهو ما جعلها تشعر بأنها مهمشة، معتبرا أن ذلك يعزز ما يكرره نتنياهو بأنه لا يوجد شريك فلسطيني.

وذكر أن الاتفاق لم يحوِ أي تعهدات قاطعة من نتنياهو بالتغير الذي تريده السلطة وهو وصول اليهود للمسجد الأقصى فكان الكلام عامّا وفضفاضا خاصة وان الزيارات هي التي تفجر الأوضاع لأنها تستفز الفلسطينيين.

وبحسب عطا الله فإن الخلاف لم يظهر على العلن كون الأردن اتخذت موقفا ايجابيا وضغطت على الخارجية الأميركية والتي تحدثت أنها كانت ستخسر الأردن، كما أن السلطة لا تريد اضافة المزيد من الخصوم لها خاصة الاردن بحكم القرب الجغرافي.

وكان إعلان كيري للخطوط العامة لتسوية الحرم القدسي قد أثار ردود فعل غاضبة من أوساط فلسطينية، إذ رفضتها حركة حماس كما أن الأوقاف الإسلامية أبدت شكّها في إمكانية تنفيذها نظراً للغموض الذي يحيط بها.

ومن الواضح أن دولة الاحتلال نجحت في استثمار الخلاف ما بين الأردن والسلطة فما حاول كيري عرضه كإنجاز وهو قبول (إسرائيل) بنصب كاميرات في الحرم على مدار الساعة مسألة كانت مطروحة منذ وقت بعيد ومرفوضة لأن (إسرائيل) ستستغلها أمنياً في ملاحقة زوّار الحرم من المسلمين.

ولا يبدو أن نتنياهو قدم أي تنازل عندما وافق على مبدأ "الصلاة للمسلمين والزيارة لغيرهم" لأن أغلب الحاخامات اليهود يحرّمون صلاة اليهود في أرض الحرم ويعتبرون ذلك دنساً لا يمكن التطهر منه.

ويعود السبب في عدم دقة الاتفاق كما يرى عطا الله إلى أن الاتفاق غير مكتوب، كما أن الحديث جرى عن بنود سرية للاتفاق، موضحا أن الأردن حرصت على عدم كتابته لعدم اعطاء شرعية للاحتلال ولا حتى لوجوده في المسجد الأقصى.

من جانبها، اكتفى مصدر رسمي في الحكومة الأردنية بالقول "إن موقف المملكة واضح"، وان "فكرة الكاميرات هدفها حماية المسجد الأقصى من خلال توثيق كل ما يجري فيه وحوله من انتهاكات".

والمراجع لتاريخ فلسطين يعلم أن الخلاف الأردني الفلسطيني قديم متجدد، فكثيرًا ما طالبت منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية بفك الارتباط مع الأردن باعتبارها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني.

وتحت هذا الإلحاح اتخذ الملك الراحل حسين بن طلال قرارا بفك الارتباط عام 1988 مع الضفة الغربية إداريا وقانونيا، وتم ذلك بطلب الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي أعلن في نفس الوقت قيام دولة فلسطين، لكنه أبقى للملك حسين حق الوصاية على المقدسات بشكل شفوي.

بقي الحال على هذا الأمر حتى نهاية مارس (آذار) 2013 عندما أعطى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، العاهل الأردني عبد الله الثاني هذا الحق باتفاقية مكتوبة.

 ونصت الاتفاقية التي وقعها الرئيس ابو مازن والملك الاردني، على ان العاهل الاردني هو "صاحب الوصاية وخادم الاماكن المقدسة في القدس" و "أن رعاية ملك المملكة الاردنية الهاشمية المستمرة للاماكن المقدسة في القدس تجعله أقدر على العمل للدفاع عن المقدسات الاسلامية وصيانة المسجد الاقصى (الحرم القدسي الشريف).

البث المباشر