محطات الخلاف بين فتح وحماس من اتفاق الشاطئ إلى حلّ "الإدارية"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

الرسالة نت-أحمد الكومي

سجّلت حركة حماس موقفاً وطنياً بموافقتها على حلّ اللجنة الإدارية الحكومية في قطاع غزة، استجابة للجهود المصرية في ملف المصالحة الفلسطينية، لتسقط بذلك "الذريعة" التي يتمسك بها الرئيس محمود عباس من أجل التراجع عن إجراءاته الابتزازية ضد القطاع.

لم يكن تاريخ 23 أبريل/نيسان 2014 بداية التوافق، كما روّج له، بقدر ما غدا نقطة انطلاق لخلاف جديد اشتد على مدار ثلاثة أعوام بين حركتي فتح وحماس، كان ضحيته الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وأصبح معلقا بمطلب حلّ اللجنة الإدارية، الذي ما إن أعلنت حماس من القاهرة موافقتها على ذلك حتى جاء الردّ من رام الله: "نحتاج إلى التروّي"!.

ذلك التاريخ كان شاهدا على اتفاق أبرمته الحركتان لإنهاء الانقسام، ونصّ على تشكيل حكومة توافق وطني تعمل خلال ستة شهور على الإعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية وانتخابات المجلس الوطني، لكن ما جرى أن الحكومة انسحبت بوزرائها إلى رام الله، وتركت فراغاً إدارياً كبيراً في القطاع، بذريعة تشكيل حركة حماس "حكومة ظل"، وهو ما نفته الحركة.

أمام هذا الواقع، وبعد مداولات ومطالب شعبية ووطنية تستجدي الحكومة أن تقوم بدورها الوطني الذي تشابكت من أجله إيدي السياسيين عند إعلان تشكيلها، اضطرت حماس في مارس من العام الحالي 2017 إلى تشكيل لجنة إدارية لتعويض غياب الحكومة، وإدارة أمور الناس في غزة.

لم يرق هذا الإجراء للسلطة في رام الله التي كانت تتطلع إلى توظيف هذا الفراغ الإداري في دفع الناس نحو التمرّد على حماس، بعد أن بنى عباس إجراءاته الهجومية على تقديرات من أجهزته الأمنية، مسندة إلى معلومات مغلوطة حول الوضع العام في غزة، وتحديدا المتعلق بتأثير الأزمات الإنسانية على السلوك الشعبي.

فأعلن أبو مازن اتخاذ "خطوات غير مسبوقة" ضد غزة؛ رداً على تشكيل حماس اللجنة الإدارية، رغم أنه تشكيلها جاء متأخرا وبعد عامين من مطالبات وطنية باستلام الحكومة مهامها في القطاع، حيث بدأ إجراءاته بخصم رواتب موظفي السلطة في غزة قبل إحالتهم الآلاف منهم إلى التقاعد القسري، ثم أتبعها بتخفيض إمدادات الكهرباء، في إجراء أثار انتقادا واسعا على الصعيدين المحلي والدولي، باعتباره يمس الحقوق الإنسانية لنحو 2 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع.

وحرصاً على منع تفاقم الوضع الإنساني في غزة، تقدمت حماس بأكثر من مبادرة وطنية وأعلنت استعدادها لحلّ اللجنة الإدارية فور تسلّم حكومة التوافق مهامها في القطاع، والشروع الفوري في حوار وطني ومشاورات؛ لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتفعيل المجلس التشريعي، بالتوافق لأداء مهامه المنوطة به، لكن هذه المبادرة لم تكن تقابل بجدية من قيادة السلطة وفتح؛ لأسباب من بينها ما قاله الكاتب مصطفى الصواف: "ليست اللجنة الإدارية ولكن نهج عباس الانفرادي".

وعلى نحو مفاجئ الأسبوع الماضي، أُعلن عن مغادرة وفد رفيع المستوى من حماس برئاسة إسماعيل هنية، من قطاع غزة إلى القاهرة لبحث ملفات وطنية، من بينها المصالحة، وبعد يومين من الحوارات أعلن أن الحركة وضعت اللجنة الإدارية "وديعة" لدى مصر، في حال وافق أبو مازن على المصالحة، في مسعى من الحركة للحصول إلى ضمانات من القاهرة بإلزام أبو مازن بتنفيذ أي اتفاق سابق أو أي اتفاق جديد يتم التوصلّ إليه، برعايتها.

وجاءت هذه المبادرة استباقاً لإعلان حماس فجر أمس الأحد حلّ اللجنة استجابة للجهود المصرية في إنهاء الانقسام، لتضع بذلك الرئيس عباس وحركة فتح أمام اختبار حقيقي باعتبار أنها أسقطت الحجّة الوحيدة التي يتمسّك بها. وهو الإعلان الذي وصفته القناة العبرية الثانية بأنه "إعلان دراماتيكي من قبل منظمة حماس"!

وأكدت القناة الثانية أن حماس مستعدة للسماح لأبو مازن بإدارة غزة، الذي قالت إنه "لا يريد أن يقع في الحرج ويرفض جهود المصالحة بفعل الضغوطات المصرية؛ لأن حماس بذلك قد رمت الكرة في ملعبه".

إزاء ذلك، يبقى التساؤل قائما حول مدى إمكانية أن يقابل أبو مازن وفتح استحقاق المصالحة الجديد؛ في الوقت الذي يحضر فيه فشل التجارب السابقة، فهما أمام خيارين: إما الموافقة والتقدم نحو الوحدة وتمكين الحكومة وبالتالي كسب العلاقة مع القاهرة وثقة الشعب في غزة، أو التنصّل والهروب والاستعداد لتقبّل مزيد من الخسارة في الرصيد الوطني، والابتعاد أكثر في العلاقة مع مصر. أما على صعيد حماس، فإنها في كلا الحالتين لن تخرج خاسرة فقد كسبت موقفاً وطنياً، وثقة متنامية مع القاهرة.

البث المباشر