قائد الطوفان قائد الطوفان

قراءة في رواية

"باب الساحة" المرأة والوطن

صورة باب الساحة
صورة باب الساحة

غزة- الرسالة نت

"أنا لست الأمّ ولست الأرض ولست الرّمز. أنا إنسانة، آكل أشرب أحلم أخطئ أضيع أموج وأتعذب وأناجي الريح.. أنا المرأة". لم أقرأ تعبيرا عن هويّة أنثى كما عبارات الروائية الفلسطينية سحر خليفة، على لسان بطلتها سحاب في رواية "باب السّاحة". عبر هذه الجمل يمكن تلمس نظرة مغايرة للمرأة

من واقع معاناة شعب فلسطين ومن جراحهم المذبحة بالدماء، تلتقط سحر خليفة صور روايتها هذه "باب الساحة" لتروي للعرب وبأسلوبها المعبر البسيط مشاهد تحدث كل يوم خلف هذا الباب الكبير الذي هو صورة لأبواب أخرى تخفي خلفها نفس المعاناة في فلسطين. في حي من أحياء نابلس تشرح الكاتبة بقلمها لتلتقط صورها من كل البيوت، ولترسم وعبر شخصية "الداية زكية" وببراعها ما يحدث من تخريب في بيوت نابلس وحرق ودمار على يد أصحاب العلم ذا اللونين الأزرق والأبيض وهي بما ترسم لم تنسى التوقف عند واقع المرأة الفلسطينية المتدهور محاولة المقارنة بين حالها اليوم بعد الانتفاضة وحالها قبل ذلك أيام العز حيث لم يكن للدمعة في عيونها طريق ولا للخوف في ملامحها تعبير.

قبل أن تكتب كوّنت سحر خليفة مخزونا من التّجارب الشخصية والوطنية. عايشت في طفولتها بدايات الاحتلال، ثمّ تعلّمت معنى العيش تحت الاحتلال. شهدت النكسة وخيبة أوّل الآمال بالجيوش العربية. سنواتها الخمس والثلاثون السّابقة لأوّل رواية لها كانت حبلى بالخيبات. وحين كتبت، أرادت البحث في أسباب الهزائم المستمرة العائدة إلى عدم الاستعداد الكافي وغياب التخطيط غالباً.

كتبت عنها نهى سعداوي في صحيفة العربي الجديد : الانتماء الوطني والانتماء السياسي يختلطان بالفكر النّسوي في أدب خليفة، وإن كانت تصنّف نسويّة لكونها أديبة تناصر قضايا المرأة فإنّها لم تسقط في الصّراع المبتذل مع كلّ ما هو ذكوريّ. تصويرها للمرأة، لم يكن احتفائيّاً مبالِغاً ولا انتقاصيّاً بإجحاف. سحر خليفة تقدّم نساء فلسطين دون خجل من حقيقة المعاناة المضاعفة: المجتمع الذكوري والاحتلال. لكنّها ترينا أوجها عديدة من نضالاتهنّ جنبا إلى جنب مع الرجل. ويمنح التمازج بين الهم الوطنيّ والأنثويّ أدبها صفة الأدب النسويّ المقاوم.

سحر خليفة واحدة من أهم الروائيين الفلسطينيين. ولدت في نابلس عام 1941. تزوجت في سن مبكرة ثم عادت بعد ثلاثة عشر عاما لتواصل دراستها الجامعية، وحصلت على شهادة الدكتوراة من جامعة أيوا في دراسات المرأة والأدب الأمريكي.

أسلوبها في الكتابة يتسم بالشفافية والعمق والبساطة. وشخصياتها وأجواؤها تنبض بالحياة والحركة. عملت في مجال حقوق المرأة لآكثر من 30 سنة. وهي حاليا متفرغة للكتابة.

كتبت حتى الآن 11 رواية. روايتها الأولى "لم نعد جواري لكم" (1974) أحدثت صدى كبيرا بسبب دفاعها عن حرية المرأة، غير أن سحر لم تحظ بالاعتراف الأدبي إلا بعد صدور روايتها الثانية "الصبار" (1976). ترجمت معظم رواياتها إلى العبرية والفرنسية والألمانية والهولندية والإنجليزية والإيطالية والإسبانية والماليزية واليونانية والنرويجية والروسية.

نالت العديد من الجوائز العربية والعالمية أهمها: جائزة ألبرتو مورافيا للأدب المترجم للإيطالية، جائزة سيرفانتس للأدب المترجم للإسبانية، جائزة نجيب محفوظ عن روايتها صورة وأيقونة وعهد قديم، وجائزة سيمون دي بوفوار التي رفضتها لأسباب وطنية عام 2009.

البث المباشر