تعدت الانتفاضة الاربعين يوما الأولى وما زالت تحمل نفس الروح والزخم والاصرار، واستمرت الأحداث برتمها الفعال وزادت في بعض المناطق، فالعمليات استمرت والمواجهات والتحدي لقوى الاحتلال، كما زاد العدو من جرائمه واعتداؤه على شعبنا وما زال يقتل بدم بارد النساء والأطفال. وهناك توسع في مشاركة قطاعات مختلفة وشرائح متنوعة في الشارع الفلسطيني، فنجد النساء والأطفال والشبان والرجال والعجائز، وهناك الطلاب والعمال والتجار والحرفيون، كل يتعاطف ويمد ويشارك هذه الانتفاضة بقوة وبطريقة مناسب تكاملية، فيوميا هناك مفاجآت تدل أن شيء ما انكسر وأن عقارب الساعة لن تعود للوراء، فالانتفاضة تجاوزت المرحلة الأولى وثبتت أقدامها، مبتعدة عن حالة القلق والتوتر والخوف على مصيرها واستمراريتها، لتصل مرحلة الاستقرار ومن ثم التطور والتوسع والتغيير.
ومع هذا مازالت هناك محاولات حثيثة لاحتوائها وتحجيمها والقفز عنها، والاطراف الدولية والاقليمية بالإضافة لأطراف فلسطينية لا ترغب في هذه الانتفاضة وتحاول التقليل منها وحصرها وتنظر بخطورة لتطورها ونموها وبدأت تتحرك اعلاميا وامنيا وسياسيا للحد منها ووقفها.
وقد تميزت هذه الانتفاضة بالعمليات الفردية وبالروح الثورية غير الفصائلية، كما لوحظ تسليم بعض الافراد انفسهم للسلطة بعدما ينفذون عمليات طعن ضد الاحتلال ويستطيعون الفرار، هذه العمليات الفردية تحرج السلطة أمام التزاماتها، وهي عمليات ضد رغبة الرئيس عباس الذي يفضل حصر الانتفاضة بفاعليات جماهيرية سلمية، ويزيد من حرجها حينما يقوم أحد المنفذين بتسليم نفسه للسلطة وهنا تقع بين نارين: تسليم المنفذ للاحتلال فيغضب الجمهور الفلسطيني وتحشر السلطة في زاوية سيئة السمعة، او ابقاؤه لديها فتغضب الاحتلال، وفي كلا الحالتين سيكون موقف السلطة معقدا خصوصا ان الاحتلال يضغط على السلطة في ذلك، وفي العادة تخرج السلطة من هذا الحرج باحتجاز المنفذ وابقائه في المعتقل بحجة حمايته لدى الجمهور وبانها تعاقبه بالنسبة للاحتلال.
الاحتلال بالتأكيد لا يقتنع باحتجاز السلطة للمنفذين ولا يأمن الا إن تسلمهم من السلطة بإحدى الطرق، وعادة ما يمارس ضغوطا ناعمة لاستلامهم وان لم تنجح يقوم بعمليات خشنة كاقتحام السجون كما حدث في سجن ببيتونيا في انتفاضة الاقصى، واقتحام سجن اريحا واعتقال سعدات فور فوز حماس في الانتخابات 2006، ومن هنا تتحمل السلطة مسؤولية الحفاظ على اي معتقل وعليها ضمان عدم تسليمه للاحتلال.
وهذا بالتأكيد يصعب عليها المهمة. اعتقد ان الاحتلال لا يريد في هذه اللحظة توتير وتصعيد المواجهة، وهو يحاول من التخفيف في قواعد الاشتباك ويتجنب توسعتها لهذا قد يلجأ للضغوط الناعمة وضمان احتجازهم في أماكن قاسية وممارسة التحقيق بحقهم، وفي حال تدهورت الأحداث قد يقوم بحملات مداهمة للسجون واعتقال جميع المطلوبين، واستبعد قصفه للمراكز والسجون كما فكانت هذه مرحلة ما قبل السور الواقي وقد كلفته تبعات سياسية وامنية كهروب قيادات من كتائب الاقصى والقسام كان ابرزهم محمود ابو الهنود.
والاحتلال الان قادر على اقتحام السجون. لهذا من الافضل عدم تسليم المنفذين أنفسهم للسلطة وعدم قبول السلطة لتسلمهم فهي غير قادرة على حمايتهم من بطش وتغول الاحتلال.