الراعي المصري مشغول

"صُلحة" عباس ودحلان على حساب المصالحة الوطنية الشاملة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

الرسالة نت - فايز أيوب الشيخ

انكفأت قيادة مصر الحالية بزعامة عبد الفتاح السيسي، عن رعايتها المفترضة للمصالحة الفلسطينية الشاملة، وانشغلت بمصالحة الفصيل الواحد "حركة فتح"، ولا سيما رأب الصدع في الصراع الدائر منذ مدة بين رئيس السلطة محمود عباس والقيادي المفصول من فتح محمد دحلان.

وكان الخلاف بين عباس ودحلان قد بدأ شخصياً، ثم تطور إلى خلاف تنظيمي، مما سبب فصل دحلان من اللجنة المركزية لحركة فتح، وأحدث انشقاقات وخلافات عصفت ولا تزال بالبيت الفتحاوي الداخلي.

وفي التفاصيل، ركز "الإعلام المصري" على ما قال إنها جهود كبيرة يبذلها "السيسي" لنزع فتيل الأزمة والخلاف في إطار الجهود المصرية الحثيثة للمصالحة الداخلية بين قيادات فتح، وذلك مزامنة مع وصول دحلان للقاهرة خلال تواجد عباس فيها بداية الأسبوع الجاري .

وفي المقابل، فقد تناول -الإعلام المصري- الحديث بشكل عرضي دور مصر في رعاية المصالحة الوطنية الشاملة دون الإشارة إلى أية جهود جديدة، علماً أن الرئيس المصري د. محمد مرسي، أكد عقب توليه الرئاسة مباشرة، بأن بلاده تولي المصالحة الفلسطينية اهتماماً خاصاً، وأوفد بهذا الخصوص محمد كامل عمرو، وزير الخارجية آنذاك، الذي قدم لعباس دعوة لزيارة مصر لهذا الغرض.

وانتقد الكاتب والمحلل السياسي يوسف رزقة في الإطار، التركيز الواضح من قبل النظام المصري الحالي وإعلامه على مصالحة عباس ودحلان باعتبارهما ضمن "فريق مشاكس"، في حين أنهم تناولوا المصالحة الوطنية الشاملة بين حركتي حماس وفتح "بشكل عرضي".

ورأى رزقة في حديثه لـ"الرسالة نت" أن المحاولة الجديدة للجمع بين عباس ودحلان تأتي من باب تحقيق المصالح الضيقة وليس من باب إحداث توافقات وطنية لخدمة القضية الفلسطينية بشكلها العام.

وأوضح رزقة الذي شغل منصب المستشار السابق لرئيس الوزراء أن -المصالح الضيقة- للطرفين عباس ودحلان مرتبطة بقضايا شخصية وسياسات مستقبلية تخدم أطراف المنطقة، مستنداً في ذلك إلى أخذ جزء المصالحة الشخصية في داخل حركة فتح على حساب المصالحة الوطنية الشاملة بين حركتي حماس وفتح وتفعيل حكومة الوحدة الوطنية.

ولفت رزقة إلى أن الحديث عن حكومة الوحدة الوطنية تناوله النظام المصري الحالي بشكل عرضي من خلال دعوته لتمكين السلطة من معبر رفح.

وكان بيان للرئاسة المصرية قال إن "عودة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة وتوليها الإشراف على المعابر، سيكون له نتائج إيجابية على انتظام فتح المعابر مع القطاع"، مضيفاً أن "الإجراءات التي تتخذها مصر من أجل تأمين حدودها الشرقية مع قطاع غزة تتم بتنسيق كامل مع السلطة الفلسطينية، ولا يمكن أن تهدف إلى الإضرار بالأشقاء الفلسطينيين في غزة!".

وتطرق رزقة إلى الاتهامات التي تراشقها -عباس ودحلان- في الإعلام حول قضايا فساد كثيرة، حيث كان الأولى محاسبتهما عليها قبل أي شيء آخر، مبيناً أن هناك اتهامات لدحلان من عباس وحركة فتح، جرى على إثرها إخضاعه لمحكمة تنظيمية برئاسة النتشة، مقابل اتهام من دحلان لعباس وأبنائه بالفساد المالي وتلقي الرشاوي والعمل لأجندة ومصالح فردية.

وذكر رزقة أنه رغم وجود اتهامات بين عباس ودحلان فإنه لا يوجد قضاء فلسطيني مستقل يستطيع أن يتعامل مع هذه التهم الكبيرة بأحكام قانونية وقضائية واضحة وشفافة.

ورأى رزقه أنه يفترض من الفصائل الفلسطينية أن تكون ورقة ضاغطة لإثبات البراءة أو الإدانة لكليهما، غير أنها لم تولي القضية أي اهتمام، في الوقت الذي مازال كل طرف يعمل في الساحة التي يمتلكها: الضفة الغربية وحركة فتح لأبو مازن، والساحات العربية لدحلان.

يشار إلى أن وسائل إعلام مصرية، ذكرت أن وجهة نظر الخارجية المصرية تفيد بأن دحلان وبصرف النظر عن العديد من الاعتبارات لازال نافذاً وله مجموعات نشطة في قطاع غزة وبالتالي قد يكون ضمن خطة إماراتية في المرحلة اللاحقة لإعادة إنتاج المشهد في قطاع غزة لصالح عودة السلطة أو حتى إضعاف وتحجيم نفوذ حماس في سياق العملية الشاملة التي تشهدها المنطقة ضد الإخوان المسلمين.

من جهته، رأى المحلل السياسي ناجي البطة أن النظام الحالي في مصر ليس حريصاً على القضية الفلسطينية إطلاقاً، وإنما حريص على كل ما يُرضي الجانب الصهيوني، مؤكداً أن هذا النظام حريص على تفكيك الجبهة الفلسطينية للقضاء على المقاومة.

واعتبر البطة في حديث لـ"الرسالة" أن التقاء عباس ودحلان من جديد ليس الهدف منه مصلحة القضية الفلسطينية، وإنما الوقوف في وجه حماس وتقويض قوتها في قطاع غزة، منوهاً إلى أن النظام المصري الحالي يريد أن يكون لتآمره على حماس وغزة جدوى من خلال تلاقي مصلحة عباس ودحلان على ذات الهدف.

وقال البطة "الإنقلابيون في مصر يريدون إضعاف حركة حماس والضغط على سكان قطاع غزة، وليس أدل على ذلك من حفر قناة مائية أقل ما يقال عنها أنها تُدمر الخزان الجوفي ليس لغزة فقط وإنما سيناء التي هي خارج حساباتهم الوطنية".

وحول الاتهامات الموجهة لعباس ودحلان بالتآمر على الرئيس الراحل ياسر عرفات، فقد عبر البطة عن أسفه بأن أبو عمار لم يترك وراءه رجالاً يبحثون عن قتلته، معتبراً أن الكثير من هؤلاء "أشباه الرجال" وقفوا بجانبه من أجل مصالحهم.

ولفت إلى أنهم لن يتورعوا أن يكونوا مع من يحقق مصلحتهم سواء كان عباس أو دحلان، فهم لا يعملون بمبادئ يختلفون فيها وإنما مصالح يلتقون عليها، على حد تعبيره.

وذكر البطة أن المنطقة تنزلق نحو المشروع الصهيوني الصليبي العالمي أي الأوروبي الأمريكي، وبالتالي ما تراه أمريكا يجب أن يلتزم به الجميع حتى يتوافق مع سياستها داخل المنطقة العربية بشكل عام والفلسطينية بشكل خاص.

ويرى البطة أن كل الخلافات التي بين عباس ودحلان والاتهامات العنيفة بينهما تنتهي إذا كانت المصلحة تتطلب أن يكونا موحدين في مواجهة عدو يحاول النظام المصري أن يجعله الأوحد وهو "حركة حماس"!.

البث المباشر