تتخبط حكومة الاحتلال في محاولاتها الدائمة للبحث عن طرف تحمله مسؤولية الأوضاع الامنية المتدهورة في الاراضي الفلسطينية، ويصل التخبط إلى أوجه عقب تنفيذ عمليات كالأخيرة التي نفذت في الخليل وقتل فيها اثنين من المستوطنين وانسحب المنفذ.
وبمجرد الاعلان عن العملية بدأ يتبارى المراسلين الامنيين والعسكريين في الاعلام العبري في توجيه أصابع الاتهام لحركة حماس وتهديد مدينة الخليل التي تعتبر معقل للحركة وتحظى بشعبية كاسحة في كبرى مدن الضفة الغربية والتي يقول الاعلام العبري انها تكتسي باللون الاخضر كناية عن تأييدها الكبير لحماس.
وكان الاحتلال وجه أصابع الاتهام لحماس عقب تنفيذ عملية ايتمار في نابلس التي فجرت في أعقابها انتفاضة القدس، كما زعمت اجهزة امنه ان منفذ عملية بئر السبع مهند العقبي كان على اتصال مع حركة حماس، وان قناص الخليل الذي ادعى الاحتلال اعتقاله ينتمي هو الآخر لحماس.
تكرار اتهام حماس بالتحريض على استمرار الانتفاضة وتنفيذ علميات نوعية في الضفة لا يمكن القول انه بعيد عن المعلومات التي تمتلكها أجهزة الامن الإسرائيلية، الا أن الهدف من المبالغة والتهويل ازالة الصبغة الشعبية عن الانتفاضة وحصرها في فصيل معين لتبرير توجيه ضربات له علماً أن الاحتلال وجه ضربات قوية لكل فصائل المقاومة في الضفة ومن بينها حماس ومع ذلك لم تنجح في منع العمليات أو وأد الانتفاضة.
المحلل السياسي د. مأمون أبو عامر أكد أن اسرائيل تدرك تماماً أن الفصيل الاكبر والاقدر على تنفيذ علميات عسكرية نوعية هي حماس ويليها الجهاد لكن في بعض المناطق التي لها خصوصية مثل الخليل والمعروفة بانها ساحة خلفية لحماس فان اصابع الاتهام من الطبيعي ان توجه مباشرة للحركة.
وأوضح أنه من خلال الرصد العددي والكمي للعمليات التي جرت في الخليل فان الاغلبية الساحقة من المنفذين هم من أبناء حركة حماس ومن المنطقي ان توجه الاجهزة الامنية في دولة الاحتلال الاتهام لها عقب كل عملية.
ويمكن القول ان الاحتلال يتلمس بصمات حمساوية في العمليات الاخيرة والتي كانت متشابهة الى حد كبير خاصة عملية الخليل الاخيرة قبل يومين وعملية ايتمار قبل أشهر حيث ان المنفذ قتل الرجال وترك الاطفال، وذلك بحسب جهاز المخابرات الإسرائيلية.
ويعتبر اسم حماس عامل استفزاز للسلطة الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي معاً، ولا يمكن اغفال تبادل المعلومات والعمل المشترك بين الطرفين ضد المقاومة في الضفة وخاصة حركة حماس التي تلقت ضربات قوية من الطرفين طوال السنوات الماضية.
ويحاول الاحتلال التضخيم والتركيز على حماس فيما يعرف بصناعة عدو يرهب به السلطة أولاً ويدفعها لتعميق التنسيق معه خشية على مستقبلها ومصيرها المهدد بالانهيار في حال تصاعدت الانتفاضة ودخلت مرحلة جديدة من العمل المسلح.
أبو عامر أكد أن الاحتلال يريد الاشارة الى ان الانتفاضة ستؤدي لحالة عسكرية مسلحة وهو ما سيؤثر على وجود السلطة التي ترى ان وجود السلاح في الضفة سيؤثر عليها ويشكل خطر على وجودها، وبالتالي فان هذه الاتهامات تأتي لاستفزاز السلطة لتتحرك وتحاول اتخاذ اجراءات لخمد الانتفاضة والعمل على عدم توسعها في مناطق الضفة.
وقال أبو عامر "السلطة ترى ان الانتفاضة والعمل المسلح يهدد وجودها وهو مرفوض حتى في برنامجها السياسي واتهامات (إسرائيل) تقدم مبررات للسلطة للتحرك لمنع الشبان من الاعمال الشعبية".
" التضخيم في ذكر حماس وزجها في كل التفاصيل له علاقة بتخويف السلطة وهذا كون الأولى تشكل تهديد للسلطة"، بحسب أبو عامر.
حصر الاتهامات في حركة حماس وتحميلها المسؤولية باستمرار عن العمليات يرى فيه البعض محاولة لتبرير توجيه الاحتلال اي ضربات لها من الممكن ان تكون في غزة معقل الحركة الاساسي.
وفي هذا الجانب يرى أبو عامر أنه حتى الان الاحتلال يريد استفزاز السلطة لتنفيذ ما يطلبه منها فيما يتعلق بالانتفاضة وضرب حماس وكل عناصر المقاومة في الضفة وزيادة حجم التنسيق الامني، لكن في حال زادت الامور لدرجة معنية ممكن ان توجه ضربة لحماس في غزة.
وقال ابو عامر "حماس لا يعنيها كثير اتهامها بانها تقود العمل الفدائي في الضفة واسرائيل لا تحتاج مبررات لضرب المقاومة خاصة انها تجد من يغطي لها سياساتها الاجرامية ضد الفلسطينيين".