لماذا لم تسأل فرنسا نفسها والعالم الغربي لما حدثت تلك التفجيرات التي أودت بحياة العشرات من المواطنين الأبرياء، فبدلا من الحديث عن الإسلام والإرهاب وعن داعش وعن غيرها كان الأولى بفرنسا أن تسال نفسها مرة أخرى ماذا فعلت في مالي، وهل كانت تعتقد أن ما قامت به لن يكون له ردات فعل، وهل سألت نفسها مرة أخرى ا ماذا فعلت في سوريا وفي العراق ألم ترتكب جرائم بحق الإنسانية؟ التي سقط فيها العشرات بل المئات بل الآلاف من الأبرياء ولا زال يسقط نتيجة ما تقوم به فرنسا إلى جانب شقيقاتها من أمريكا والغرب بحق الأبرياء من قتل وتدمير لكل شي في الحياة.
إذا ظنت فرنسا وأمريكا أو كل من يرتكب الإرهاب بحق الأبرياء أن ضعفهم لن يمكنهم من الانتقام، فها نحن نرى ماذا حدث في باريس قلب فرنسا بظل الأجواء الأمنية واتخاذها التدابير المتعددة من أجل الحفاظ على الأمن الداخلي، وفجأة قام هؤلاء الضعفاء بما قاموا به انتقاما من الجرائم التي تُرتكب بحق أبنائهم ونسائهم وشيوخهم، وهذا يجعلنا نفكر كيف يمكن لنا الخروج من دوامة العنف هذه التي تجتاح مساحة واسعة من هذا العالم والتي قد تتسع لتشمل بلدان أخرى غير فرنسا لأنها ليست وحدها من يرتكب هذا الإرهاب بحق المدنين.
وما يُمارس في المنطقة العربية من إرهاب وما حدث في فرنسا وما سيحدث في بلدان أخرى يؤكد على ضرورة البحث في كيفية وقف مثل هذه الأعمال الإجرامية سواء من الدول الكبرى أو من بعض الأطراف مما ظنت فرنسا وأوروبا والغرب عامة أنهم سيستسلمون لما يحدث لهم نتيجة عنفهم ونسوا أن هناك المئات بل الآلاف مما ينتمون إلي هؤلاء الضعفاء ويفكرون ألف مرة من الانتقام، وردة الفعل هي مسألة طبيعية يمارسها الجميع حتى الكبار فعندما تعرضت أمريكا لأحداث الحادي عشر من نوفمبر وتدمير برجي التجارة في نيويورك ماذا فعلت لقد مارست انتقاما غير معهود واستهدفت بذلك الضعفاء، فلماذا ننكر على هؤلاء الضعفاء أن يتعاملوا بالمثل معهم!.
صحيح أن كل الأعمال الإرهابية مدانة ومستنكرة سواء كانت من دول كبيرة أو من جماعات منتقمة لما يمارس ضدها من ظلم، لان ما يمارس من جرائم لا يمس من ارتكب الجريمة بمعنى أن عمليات التفجير التي حدثت في فرنسا هي ضد المدنين كما أن عمليات القتل التي حدثت في البلدان الضعيفة هي أيضا ضد المدنيين وكلاهما أمر لا يقبل به عقل ولا يرضى عنه ضمير.
لذلك علينا أن نتوقف قليلا أمام حقيقة تقول ألا نستهين بقدرات أحد ولا نظن أن الأقوياء هم وحدهم القادرون على ممارسة كل أنواع العنف والإرهاب تحت مسميات خداعة لا أساس لها من الصحة، على سبيل المثال لماذا تضرب فرنسا في سوريا وتضرب فرنسا في العراق؟، وما هي المصلحة العائدة عليها؟
وعليه نحن ندعو هذه الدول من تهديدات تُمارس على فرنسا حتى تقوم بمثل هذه العمليات التي تطلق عليها بالعمليات الوقائية، فرنسا التي يعيش فيها أكثر من خمسة ملاين مسلم ألم تفكر أن هذه العمليات تحرض على القتل وتخلق أناسا يفكرون بعقليتها يمارسون ما تمارس.
نحن بحاجة إلى تحقيق السلم العالمي والأمن في هذا العالم الذي يعيش حالة من الصراع عمت أنحائه، وأتساءل هنا لماذا لا يتحرك العقلاء والمثقفين وكافة أطياف المجتمع للمطالبة من هذه الدول الكبرى التي ترتكب كل الموبقات ويمارسوا ضغط عليها كي توقف جرائمها حتى لا يتعرض الأبرياء لما تعرض له المواطنين الفرنسيين ومن قبل ومن بعد، ولما يتعرض له الضعفاء في كل مكان على أيدي هذه الدول.
لماذا لا يترك الناس في كل مكان يمارسون حياتهم وفق قناعتهم ومعتقداتهم وشئونهم السياسية؟، لماذا يراد لهذه البلدان أن تعيش وفق رؤية هذا البلد أو ذاك وليس وفق ما يخدم مصالح هذه الشعوب، فإن الذي جلب هذا الدمار وهذا الإرهاب لفرنسا وما يجلبه لغيرها هو بسبب تدخل هذه بان ترفع يديها عن الدول الضعيفة وألا تفرض إرادتها عليها لتحقيق مصالح لا تساوي قطرة دم تُراق بغير حق، لماذا تريد فرنسا أن تعيش في أمن وهدوء واستقرار بينما يعيش الآخرون في بحر من الدماء والدمار.