رغم أن (إسرائيل) لوّحت في أكثر من مرة نيتها حظر الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 48، لكنها لم تكن تجد الحجة القوية أو الوقت المناسب للشجاعة في إصدار ذلك القرار.
وبعد تصريحات عدة من قادة الاحتلال والتمهيد لتلك الخطوة منذ مدة، بدأت باعتقال رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل الشيخ رائد صلاح في أكثر من مناسبة، بالإضافة إلى قرار المحكمة الأخير الصادر بحقه والقاضي بسجنه 11 شهرًا فيما يعرف بقضية "وادي الجوز"، وآخر تلك الخطوات جاء بإعلان (إسرائيل) رسميا عن حظر الحركة الإسلامية (الجناح الشمالي) في الأراضي المحتلة عام 48 بحجة التحريض ضد إسرائيل.
وتعتبر قيادات الاحتلال، الحركة الإسلامية وزعيمها الشيخ صلاح على وجه الخصوص، الجهة التي تحرض على العمليات من خلال تأكيدها أن المسجد الأقصى في خطر بسبب مخططات "إسرائيل" والجماعات الدينية اليهودية ضده.
ويعني هذا القرار أن أي شخص ينتمي إلى هذه الحركة من الآن فصاعدا، أو يقدم لها خدمات يعتبر مخالفا للقانون وقد يتعرض إلى عقوبة السجن.
ضد الفلسطينيين
وعقب إصدار القرار، أكد الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل، أن قرار حظر الحركة جاء ضمن تفاهمات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في العاصمة الأردنية، عمان.
وكان كيري قد أعلن نهاية شهر أكتوبر الماضي من عمان، عن "تفاهمات" بين الأردن وإسرائيل، باتخاذ تدابير جديدة بخصوص المسجد الأقصى.
وكشف الشيخ صلاح في مؤتمر صحفي عقده عقب اجتماعه مع لجنة المتابعة العربية بعد قرار الحظر، عن أن مسؤولا عربيا "معروفا لديه"، شارك في التفاهمات؛ لحظر الحركة الإسلامية. بالإضافة إلى "شخصيات عربية أخرى قالت للاحتلال إن بإمكانه كسر رجْل الشيخ رائد في المسجد الأقصى"، كما قال.
وأشار إلى محاولات اسرائيلية لحظر عمل فصائل وأحزاب فلسطينية أخرى في الداخل، مؤكدا أنها "لن تكمم أفواه الفلسطينيين".
الداخل "لن يسكت"
وفي السياق، اجتمعت لجنة المتابعة العربية -التي تضم كل الحركات السياسية في الداخل المحتل- ونددت بالقرار الذي اعتبرته اعتداء على جميع فلسطينيي الداخل، مبينين أنه قد يكون مقدمة لحظر حركات أخرى في المستقبل بحجة التحريض ضد (إسرائيل).
واتخذت لجنة المتابعة قراراً بالإضراب العام والشامل، الخميس، داعية إلى تظاهرة قُطرية جبارة يوم السبت، بعد نحو أسبوع ونصف، تسبقها وقفات احتجاجية محلية السبت المقبل.
بدوره، قال رئيس القائمة العربية في الكنيست الإسرائيلي مسعود غنايم إن حظر الحركة الإسلامية، قرار تعسفي يستهدف ما تقوم به الحركة تجاه الأقصى والدفاع عن المقدسات، وسيعمل على تحريك فلسطينيي الـ 48 للدفاع عنها.
وأضاف غنايم خلال اتصال هاتفي مع "الرسالة نت"، أن هذا القرار ضد كل الفلسطينيين في الداخل المحتل، لأن كل فلسطيني بالأراضي المحتلة عام 48 يقف سدا منيعا ضد ممارسات الاحتلال تجاه المسجد الأقصى وضد التمييز العنصري (الإسرائيلي).
وأشار إلى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو استغل توقيت القرار وما يحدث من تفجيرات وإرهاب في العالم وفرنسا تحديدا لربطه بالحركة الإسلامية.
وشدد غنايم على أن الربط بين الحركة الإسلامية وما جرى في فرنسا خبث فاضح وكذب واضح من (إسرائيل) تجاه حركة تقوم بنشاط سياسي وطني من المفترض أنه محفوظ في كل القوانين والأنظمة الدولية.
وفي نفس السياق، استهجن الشيخ رائد صلاح التفجيرات التي وقعت في باريس، مبديا في الوقت نفسه رفضه للإرهاب الإسرائيلي. وقال: "إن كان هناك مسمى حقيقي للإرهاب والعنصرية فهو الاحتلال بشكل عام ونتنياهو خصوصا، إذ إنهم رعاة الارهاب والاجرام؛ لأنهم من أعدموا الأبرياء ميدانيًا".
صعوبة المسار القانوني
وبالعودة إلى غنايم النائب العربي في الكنيست، بيّن أنه منذ الاعلان عن القرار، يُحظر الانتماء للحركة أو العمل فيها أو ممارسة النشاطات التي تنفذها.
وتابع: "أن هذا القرار جاء بناء على تحريض مستمر من قادة الاحتلال اتجاه الحركة وشنهم حملة شعواء عليها، وإلى الان لا نعرف مدى الحملة وإلى أين يمكن أن تصل؟".
وبالحديث عن الناحية القانونية والقضائية لهذا القرار، أوضح غنايم أن هناك دراسة وبحث للقضية في هذا المجال، معتقدا أنه من الصعب اللجوء للقضاء لأن القرار صدر من الحكومة وليس من محكمة.
أمّا المحاميان سهاد بشارة وحسان طباجة، من المركزين الحقوقيين "عدالة" و"ميزان"، أكدا صعوبة المسار القانوني في هذه القضية، محذرين من الملاحقات التي يمكن أن تعقب القرارات لكل من يشارك حتى في نشاطات تشبه نشاطات الحركة الإسلامية.
وفي السياق ذاته، وصف محمد جميل رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان في لندن، قرار الاحتلال بحظر أنشطة الحركة الاسلامية في الداخل المحتل، بـ "العدوان العنصري"، مؤكدًا بأنه اعتداء صارخ على كل الأعراف والقيم القانونية التي تكفل حرية العمل السياسي للأفراد والجماعات وفق القانون.
وقال جميل في تصريح خاص بـ "الرسالة نت"، إن الاحتلال لا يقر بأي قانون، مشيرًا إلى أن هذا الحظر هو اعلان مواجهة ضد الفلسطينيين بغرض الغاء وجود الأجسام والقوى التي ينتمون لها.
وفيما يتعلق بإمكانية اللجوء للقضاء الدولي لمناهضة القرار، قال إن المجتمع الدولي لم يحرك ساكنًا تجاه جرائم القتل المنهجي المنظم ضد الفلسطينيين، مشيرًا إلى أنه لا يوجد قضاء دولي فاعل يمكن اللجوء إليه لوقف مسلسل الانتهاكات والتميز العنصري ضد الفلسطينيين.