تضع أزمات قطاع غزة المتفاقمة، علامة استفهام كبيرة أمام حقيقة الدور الذي يلعبه وزراء حكومة التوافق بغزة، ومدى فعالية هذا الدور لدة قيادة الحكومة التي تتنكر لواجباتها المنوطة بها، وإلى أي مدى تأبه الحكومة لحضورهم من عدمه في ظل تجاهلها المتكرر لدورهم عند تعاطيها مع ملفات غزة.
أزمات عديدة لم تجد طريقها للحل على طاولة وزراء غزة، أمام إقرار عدد منهم بالفشل في العمل على حلها او إيجاد مخرج لها، بفعل أسباب يرفضون إعلانها بينما يسرّون بتعنت الجهات الرسمية في رام الله في انهاء ازماتها.
إضعاف وتهميش
وبدا جليًا منذ تشكيل حكومة التوافق غياب دور وزراء غزة الذين اختارتهم الحكومة إبان تشكيلها، وظهر ذلك في واقعة تنكر مجلس الوزراء لتفاهمات تمت بين وزير العمل مأمون ابوشهلا وايهاب بسيسو المتحدث باسم الحكومة مع قيادة حركة حماس حول ملف الموظفين، فأنكرها المجلس واعتبرها لاغية في بيان صاغه علي أبو دياك أمين عام المجلس دون الرجوع للحكومة.
وقد وصف أبو شهلا في تصريح مسجل أجرته صحيفة الرسالة معه، بيان مجلس الوزراء بـ "المزور والمدسوس"، بينما أقرّ بسيسو بصحة البيان في اليوم التالي، مكذّبا تصريحات أبو شهلا، الامر الذي أربك حقيقة العلاقة بين وزراء غزة والضفة وكان أول اختبار قاس لهم.( 7/ يناير 2015) تصريح سابق.
وتتالت المواقف التي بيّنت ضعف هذا الدور وغيابه بما لا تخطأه عين المراقبين، إذ ألغت الحكومة تفويض زياد أبو عمرو أحد وزراء القطاع بحل قضيتي المعابر والموظفين، رغم اتفاقه مع غازي حمد وماهر أبو صبحة ممثلين عن حكومة غزة على صيغة حول هذه القضايا ثم الغيت واعتبر غير مفوضًا للحديث عنها، وفق ما صرح به أبو صبحة للرسالة.
وتكرر الاختبار مجددًا مع أبو عمرو في تفاهمات عقدها مع قيادة حماس في شهر مارس من العام الجاري، بعد تخويله باجراء تفاهمات مع الحركة حول أزمة الموظفين، وتم تشكيل لجنة لحل هذه الأزمة، التي سرعان ما تنكرت لها الحكومة وألغتها تمامًا، رغم الاتفاق الشفوي على القضايا والبدء بمرحلة صياغة الاتفاق، كما بذلك أكد زياد الظاظا القيادي بحماس لـ"الرسالة نت" مطلع مارس العام الجاري.
ومع اشتداد عاصفة أزمة رواتب الموظفين في قطاع غزة، وتصاعد احتجاجاتهم، أعلن وزير العمل مأمون أبو شهلا عن وجود اتفاق قريب سينهي الأزمة خلال 48 ساعة، ليعلن الوزير لاحقا أن الأمر ليس بيد وزراء غزة وأن مسألة الموظفين وما تتعلق بهم هي قضايا تناقش مع الحكومة في رام الله، ورفض التعقيب صحفيًا عليها آنذاك، بناء على قرار من رئاسة الوزراء برام الله.
وأدركت حركة حماس لاحقا على ما يبدو ضعف دور وزراء غزة، وعدم توفر أي صلاحية لهم للتعامل مع قضايا القطاع، خاصة أن بعض هؤلاء الوزراء رفض الدوام في مقر وزارته في غزة.
وتوسط وزير العمل مأمون أبو شهلا لطرح حل جديد فيما يتعلق بأزمة موظفو غزة مؤخرا، ضمن اتفاق قال انه سيعلن قريبًا، مشيرًا إلى أنه يتضمن رؤية لدمج موظفي وزارتي التعليم والصحة كونهما اكبر وزارات في القطاع، وفق ما كشفه لـ"الرسالة".
ورفض أبو شهلا الإفصاح عن مضمون الاتفاق، الذي كشفت عنه "الرسالة نت" عبر أسامة سعد نائب الأمين العام لمجلس الوزراء بغزة، اليوم الاثنين، إذ أوضح أن الاتفاق تضمن دفع "سلف مالية" لموظفي الصحة والتعليم، مقابل أن تورد وزارة المالية بغزة إيراداتها المالية للضفة!، دون وجود أي حل يتضمن موظفو الوزارات الأخرى ودون أن يؤكد على حل جذري لازمة الموظفين.
بدا أبو شهلا متفائلًا في نجاح اتفاق مجتزأ وساذج بوصف سعد، إلا أنه سرعان ما انتكس بالتشاؤم، ورفض لاحقًا الإجابة على اتصالات الرسالة والرد عليها.
وبدا واضحًا احتكار رامي الحمد الله رئيس وزراء حكومة التوافق لملفات وزراء غزة، والانابة عنهم في توقيع المنح والعقود المتعلقة بعمل وزاراتهم، فقد فوّض وزير المالية للتوقيع على عقد قرض من إيطاليا بقيمة 15 مليون دولار لاعادة بناء البرج الإيطالي، وسط تجاهله لوزيره الحساينة ذات العلاقة، رغم تواجده في الضفة لفترة طويلة آنذاك.
وجردّ الحساينة من صلاحيته المتعلقة بمباحثات الاسمنت والية الاعمار وأي دور يتعلق بالاعمار باستثناء تزويد أسماء المتضررين فقط، وتحميل الملف لحسين الشيخ، وذهب رئيس الحكومة رامي الحمد الله في زيارة مؤخرًا لبحث جلب أموال منحة الاعمار، متجاهلا وزيره ذات العلاقة والصلة.
مؤخرًا صرّح الحساينة لـ"الرسالة نت"، حول قرار قطري بإلغاء المرحلة الثالثة من بناء شقق حمد، الامر الذي انكرته قطر لاحقًا في بيان للسفير القطري محمد العمادي، لتضع علامة استفهام حول حقيقة الطرف الذي ابلغه بهذه المعلومة.
وعلمت الرسالة أن مشروعًا اسكانيًا قد تجمد بناءه في قطاع غزة لصالح رجل أعمال أردني، بسبب شروط ومقايضات وضعتها الحكومة في رام الله عليه، رغم موافقة وزير الأشغال مفيد الحساينة على هذا المشروع، إذ أصرت الحكومة على نسبة اكبر في حصة هذا المشروع.
ويكتفي وزراء حكومة التوافق عند سؤالهم عن أزمات القطاع اليومية كملفات الغاز والكهرباء وضريبة البلو، الإجابة بأن هذه القضايا سيناقشونها في مجلس الوزراء، إلا أن وزيرة شؤون المرأة هيفاء الاغا قد أقرت بأن جدول اعمال المجلس لا يطلعون عليه إلا اثناء انعقاد الاجتماع، بينما كان جدول الاعمال معلومًا لدى رئيس سلطة الطاقة عمر كتانة قبل الاجتماع بعدة أيام.
ورغم ذلك، فأكدّ زياد الظاظا عضو المكتب السياسي لحركة حماس، أن وزراء غزة يرغبون بحل الأزمات في القطاع، إلا أن سلطة رام الله وحكومة الحمد الله هي من تكبلهم وتفشل جهودهم.
وتعقيبًا على دور الوزراء في غزة أجاب الظاظا لـ"الرسالة نت"، أن رئيس السلطة محمود عباس ورئيس وزراءه رامي الحمد الله لا يرغبون غزة بما فيها، وأفشلوا كل ما يمكن من خلاله تحقيق المصالحة هنا، وتنكروا لكل ما تم الاتفاق عليه لانهاء الانقسام الإداري بين الضفة والقطاع.
وعلى ذمة المحلل السياسي فايز أبو شمالة فقال لـ"الرسالة نت"، فإن أحد وزراء حكومة التوافق قال له "إنه يعمل كنظام بطالة لمدة عام فقط"، حيث وصف دورهم بـ"الكومبارس" بينما من يحتكر مهامهم الاصلية هو رامي الحمد الله وحكومته هناك.
بينما لم يرِ المحلل السياسي مصطفى الصواف في وزراء غزة سوى انهم أدوات تنفيذية تحت سيطرة الحمد الله، ولا يتحركون الا بإذنه.
ورغم أهمية الوزارات التي يشغلها هؤلاء الوزراء إلا أن الحكومة تعمدت تهميشهم بشكل كامل، وفق ما ذهب إليه الصواف في حديثه لـ"الرسالة نت".