لا تزال مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة تُسجل حضوراً قوياً وتترأس انتفاضة القدس سواء بعدد الشهداء أو بنوعية العمليات التي نفذها شُبانها منذ بداية الانتفاضة الشهر الماضي.
الخليل التي قدمت قُرابة الثلاثين شهيداً منذ اندلاع انتفاضة حصدت أيضاً أرواح العديد من المستوطنين وجنود الاحتلال وفاجأت العدو بزخامة العمليات وكثافة النيران، مما جعلها ناقوس خطر دائم يقض مضاجع قادة الاحتلال.
ورغم أن المدينة محاطة بالكثير من الثكنات الاستيطانية، ويوجد بها أكثر من 100 حاجز عسكري اسرائيلي، تواصل الخليل عملياتها البطولية والنوعية ضد جنود الاحتلال.
وتشير المعطيات إلى أن الخليل شهدت خلال الشهر الماضي قرابة 21 عملية طعن، فيما بلغ عدد نقاط المواجهة في المدينة قرابة 20 نقطة، نصفها نشطة شهدت مواجهات شبه يومية، وفق دراسة مسحية نشرها مركز "القدس" لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني.
ويعتبر مركز القدس في دراسته أن من أهم ما ميّز حراك الخليل التماس المباشر مع المستوطنين، ممّا عزّز نشاط نقاط الاحتكاك في المحافظة وحضور العمليات الفردية والعدد الكبير من الشهداء، الأمر الذي ساند تواصل الأحداث فيها وأبقى جذوتها في تصاعد.
وتعد الخليل أكبر محافظة فلسطينية من حيث عدد السكان بواقع 800 ألف نسمة، ومساحتها التي تساوي 16% من مساحة الضفة الغربية المحتلة.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي خالد العمايرة من مدينة الخليل أن الاحتلال يواجه معضلة حقيقية أمام جغرافية المدينة المعقدة جداً، حيث تمتد المدينة من الظاهرية جنوباً حتى بيت لحم شمال الوسط وتمتك عشرات المنافذ لكل قرية موجودة بها.
وأكد العمايرة لـ"الرسالة نت" أن جغرافية الخليل جعلتها تترأس الانتفاضة بسبب تداخلها مع المستوطنات وبات من الصعب السيطرة على المدينة متعددة المنافذ والقرى.
وأوضح أن المدينة تمتلك ثقلاً سكانياً كبيراً ومساحة ليست بسيطة مقارنة بمدن الضفة الأخرى مما جعل الاحتلال يعتبرها امتدادً ايديولوجياً لقطاع غزة.
وكان موقع "واللا" العبري قد نشر مقالاً أول أمس حمل عنوان: "الاستشهاديون يخرجون من الخليل رغم عدم وجود أي مطلوب أمني فيها".
وبلغة الاستغراب يقول الموقع إنه رغم الهدوء الذي ساد في الخليل لأيام في مجال عمليات الطعن تحديدا، إلا أن عمليات إطلاق النار أشعلت المنطقة من جديد، بل وأظهرت أنها أكثر إيلاماً وفتكا بـ(الإسرائيليين).
وركّز تقرير بثته القناة العاشرة عن الخليل أن المدينة تشكل برميل بارود متفجر، وأشار التقرير إلى أن موجة العمليات انتقلت من القدس إلى الخليل التي أصبح الاحتلال يسميها "مقر الإرهاب".
وفي سياق التقرير فإنه لا يكاد يمر يوم دون حدوث عملية أو محاولة طعن في الخليل أو المناطق المحيطة بها، الأمر الذي دفع قائد أركان الاحتلال آيزنكوت إلى نقل "لواء كفير" لمنطقة الخليل والشروع بإغلاق الطرق المؤدية للقرى وشن حملة مداهمات للبيوت بالإضافة إلى تفتيش السيارات.
وعن جدوى هذه الإجراءات في كسر شوكة مدينة الخليل بيّن المحلل السياسي العمايرة أن تلك الإجراءات ستجعل سكان المدينة قنابل موقوتة لا أحد يعرف متى وكيف ستنفجر في وجه الاحتلال.
وفي نهاية المطاف فإن الأرض الذي ارتوت بدماء الشهداء لن تثمر سوى براكين غضب ستلاحق الاحتلال في كل مكان ولن تثني صاحب الحق عن تمريغ أنف محتله.