وصل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في زيارته الثانية للمنطقة خلال شهرين منذ اندلاع انتفاضة القدس الثالثة في وجه الاحتلال الإسرائيلي وغطرسته في القدس والمسجد الأقصى والضفة الغربية المحتلة بهدف عقد لقاءات ماراثونية جديدة مع العديد من الأطراف في المنطقة للوقوف على حقيقة ما يجري من تطورات واستمرار انتفاضة القدس في التطور والتمدد يوماً بعد يوم دون توقف .
هذه الزيارة هي الثانية من نوعها للمنطقة بعد سلسلة اتصالات أجراها كيري خلال الفترة الماضية مع أطراف عربية وفلسطينية وإسرائيلية مختلفة ، وتأتي وسط تأييد أمريكي واضح وصريح لدولة الاحتلال الإسرائيلي حيث سبق وأن أدان الرئيس الأمريكي (المقاومة الفلسطينية التي تنتفض في وجه الاحتلال وجرائمه) ووصفها بالإرهاب دون التطرق لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا التي أسفرت عن ارتقاء 97 شهيداً، و تحت عنوان واحد أوحد هو تأكيد الولايات المتحدة الأمريكية على سياستها بأن أمن دول الاحتلال الإسرائيلي ونبذ كل أشكال المقاومة أولوية لا رجعة عنها ، في دليل واضح على استمرار سياسة الكيل بمكيالين ودعم الجلاد الإسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني صاحب الحقوق المسلوبة والضحية ، وهذا الموقف يعبر عن قمة الكذب والنفاق التي وصلت إليه الإدارة الأمريكية ودعمها الكامل للاحتلال الإسرائيلي ومشروعه في المنطقة من جهة والتعامل مع القضية الفلسطينية من جهة أخرى.
إن كان من اهداف حقيقية لمثل هذه الزيارة فهي تتمثل في الضغط على السلطة الفلسطينية المأزومة أصلا للعودة إلى مربع المفاوضات من جديد بشروط أمريكية إسرائيلية، وإجهاض انتفاضة القدس ومحاولة إخمادها وتحقيق المطالب الإسرائيلية بدعم أمريكي كبير ، وتعزيز التنسيق الأمني مع الاحتلال وتفعيله أكثر ، واعطاء إسرائيل مزيداً من الوقت لارتكاب مزيداً من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته وبغطاء دولي أمريكي لهذه الجرائم.
انتفاضة القدس اندلعت لتقول كلمتها وترفض كل الأهداف سالفة الذكر وتعيد للقضية الفلسطينية هيبتها وصدارتها رغم كل المتغيرات والأحداث في العالمين العربي والاسلامي وحتى الدولي بأن خيار التسوية والمفاوضات العقيم الذي رفضه شعبنا على مدار عشرين عام ها هو يؤكد ويجدد رفضه له ، كما ويوجه رسالة للسلطة الفلسطينية بأنه يتوجب عليك مغادرة هذا المربع العقيم والعودة إلى مربع الوحدة الوطنية وأن كل محاولات إحياء مسيرة الفشل والمفاوضات لن تنجح تحت أي ظرف كان، وأن الخيار الكفيل لمواجهة المشروع الإسرائيلي واسترداد الحقوق الفلسطينية هو خيار الوحدة الوطنية والمقاومة والانتفاضة لا المفاوضات.
رغم كل محاولات وجولات السياسيين والمسؤولين الدبلوماسيين والأمريكيين والدوليين لإخماد انتفاضة القدس ومحاولة إجهاضها ، فيتوجب على كل فصائل المقاومة الفلسطينية استمرار العمل لإفشال كل الجهود الدولية التي تعمل لأجل وأد الانتفاضة ومحاولات إجهاضها والالتفاف عليها ، بل إن المطلوب دعم ثورة الشباب وتطوير العمل المقاوم بكافة أشكاله والتوحد حول خيار الانتفاضة والمقاومة وإشعال الضفة الغربية والقدس المحتلة بهدف الحفاظ على استمراريتها ، بل ويتوجب عليهم أيضاً توفير كل أشكال الدعم ومقومات الصمود من أجل تحقيق هذه الانتفاضة أهدافها المتمثلة بكنس الاحتلال عن كامل أرضنا ومقدساتنا، ورفض كل أشكال التنازل والتفريط.
انتفاضة القدس وصلت لمرحلة كسر العظم لن تضعف أو تتراجع ستستمر وستتطور، لن توأد ولن تجهض ولن تخمد تحت أي ظرف كان ، ومن أراد أن يدرك هذه النتيجة فليرجع للتاريخ قليلاً حيث انتفاضة الأقصى الثانية وجولات مشابهة وخريطة الطريق آنذاك خير شاهد ودليل .
انتفاضة القدس مستمرة رغم كل إجراءات الاحتلال على الأرض ، ورغم محاولات المبعوثين الأمريكيين وغيرهم التآمر عليها لإخمادها ، وإن كل الجولات الماراثونية التي يقوم بها كيري وغيره لن تنجح تحت أي ظرف كان وستفشل كما فشلت سابقتها، حيث لم يعد لأحد ان يفرض كلمته على الشعب الفلسطيني الذي قدم وما زال يقدم الشهداء ويتطلع لنيل حقوقه وحريته واستقلاله.