تواصل انتفاضة القدس شق طريقها نحو التخلص من سياسة الاحتلال في الضفة من مداهمات واعتقالات وفرض الحواجز العسكرية على أهلها وأيضا الاقتحامات المتواصلة للمسجد الأقصى في القدس المحتلة.
وبحسب المحللين فإن قوة هذه المواجهات المتواصلة بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال (الإسرائيلي)، تأتي من أنها انطلقت من أرض ميتة سياسيًا، تركها أصحابها منذ زمن وراحوا يبحثون عن ربح إما من تجارة المفاوضات أو من التمسك بسلطة على مساحة ضيقة من أراضي الضفة والقدس.
عودها صلب
المحلل السياسي محمد عمايرة أكد أن حكومة الاحتلال راهنت في حفظ استقرار الضفة والقدس لانشغال العرب في ثوراتهم وتراجع القضية الفلسطينية عن سلم الأولويات الأمر الذي دفعها لتكثيف سياستها من القمع والإعدامات الميدانية، لكن انتفاضة القدس وثورة الشبان أثبتت عكس ذلك.
وقال عمايرة لـ "الرسالة نت": إن ردود الأفعال الفلسطينية ضد سياسات الاحتلال تأتي دائمًا من الشارع ورغم الدعوات للمقاومة الشعبية القائمة منذ أشهر أو سنوات إلا أن رد الفعل هذا لم يكن بالحسبان، ولا أحد توقع أن يأتي بهذا الحجم والقوة وهذا الأسلوب". وختم بالقول: "لا أحد يستطيع التكهن بمستقبل هذه الانتفاضة في المرحلة الحالية".
ونوه إلى أن هذه الانتفاضة ستبقى مستمرة وسيبقى عودها صلبًا ما دام من أشعلها هم الشبان الذين يرفضون كافة السياسات في الضفة والقدس.
أما المحلل السياسي نشأت الأقطش فيقول: "ليس هناك رهان على أحد في دفع الانتفاضة إلى الاستدامة باستثناء العقل الفاشي الصغير الذي يدير المستوطنة البيضاء في (تل أبيب)، فهو كفيل بسياساته الخرقاء بأن يصب مزيداً من النفط على نارها. ولذلك، لن تنطفئ جذوة الانتفاضة سريعاً".
وقال الأقطش: إن هذه الانتفاضة تختلف عن الانتفاضتين السابقتين بفعل الظروف التي ولدت فيها، مشبهًا إياها كواحة منعزلة في صحراء عربية أنهكتها حروب القبائل والشيع، وبرغم ذلك ما زالت تدرك تناقضها الرئيسي وموقعه.
العمليات البطولية وتراجع الاحتلال
وتفيد تقارير لجيش الاحتلال بأن قواته قد تراجعت بعد عدة عمليات بطولية، كعملية بيت فوريك العسكرية، التي نفذتها مجموعة فدائية في شمال الضفّة الغربية المحتلة، وقتل فيها اثنان من المستوطنين مطلع شهر تشرين الأول الماضي، بالإضافة إلى عمليات طعن ودعس فردية يقدم عليها الشباب الفلسطينيون على الحواجز العسكرية المنتشرة في القدس والضفّة.
وأوضح الأقطش أن جيش الاحتلال يعتمد على عمليات الإعدام بدم بارد لمجرد الاشتباه وتحت أعين الكاميرات الفردية، مبينًا أنه في حال لم يُعثر على سكين بعد الإعدام، ينفذ الجنود هذه المهمة السهلة واضعين السكاكين بجانب جثث الشهداء، كي تتأمن الذريعة.
ويذكر أن عضو في البرلمان البريطاني عن "حزب العمال" جيرالد كوفمان، وصف عمليات الإعدام هذه بالقول: "(إسرائيل) تخترع عمليات الطعن لتنفذ إعدامات ميدانية ضد الفلسطينيين".
ويحاول جيش الاحتلال عبثاً استعادة قوة الردع وإعادة الحالة الميدانية في الضفة والقدس إلى ما كانت عليه قبل انطلاق الهبّة الشعبية، إلا أن العين المراقبة ترى أن المستوطنين حدّوا من تنقلاتهم الفردية في شوارع الضفة الغربية، وأصبحوا يتنقلون ما بين الخط الأخضر والمستوطنات على شكل جماعات لأن التنقل الفرديّ صار مغامرة بالنسبة لهم.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "هآرتس" عن رئيس الاستخبارات العسكرية (الإسرائيلية) "أمان" الجنرال هارتسي هليفي، قوله في جلسة مغلقة: "فيديوهات عمليات الطعن المنتشرة على شبكات التواصل خلقت أجواءً من القلق. لو كانت موجودة في العام 1948، لما قامت (إسرائيل).
أما الحاخام اليهودي الشهير في (إسرائيل) مائير مزوز فقد وصف الأحداث بـ "عقاب ربّاني" ردّه هو إلى مسيرة المثليين جنسياً التي نفذها مئات اليهود في القدس قبل أشهر وقُتل فيها أحد المشاركين على يدّ يهوديّ متدين!