منذ انطلاقها مطلع أكتوبر الماضي

إجهاض الانتفاضة خيار تسعى له الأجهزة الأمنية بالضفة

أمن السلطة يفرق مسيرة لحركة حماس بالخليل
أمن السلطة يفرق مسيرة لحركة حماس بالخليل

الرسالة نت-ياسمين ساق الله

إزاء تطور المشهد الحالي لأحداث الانتفاضة الثالثة المتواصلة في الضفة المحتلة لا يختلف اثنان على أن أخطر ما قد يهدد استمرارها وتقويض أهدافها خلال المرحلة القادمة يكمن في تواصل التنسيق الأمني بين أجهزة السلطة وجيش الاحتلال بهدف محاصرة الانتفاضة من خلال اخماد وتيرة الغليان الشعبي واسكات المطالب التي تنادي بتصعيد الأوضاع.

إجهاض الانتفاضة

هذه الأحداث المستمرة للشهر الثالث على التوالي وضعت السلطة وقيادات فتح وفقا لمراقبين على الساحة في موقف محرج أمام الشعب الفلسطيني، لاسيما وأن أجهزة السلطة أخدت على عاتقها خيار إجهاض الانتفاضة منذ اللحظة الأولى لانطلاق شرارتها.

الدليل على ذلك تجلى واضحا في تصريحات قيادات رام الله وعلى رأسها رئيس السلطة محمود عباس الذي أكد في أول تصريح له أن الحل لما يجري يجب أن يأخذ طابعا سياسيا وبالطرق السلمية.

المؤكد طيلة السنوات الماضية حسب مراقبين بالضفة المحتلة أن ما تسمح به أجهزة رام الله بالضفة خروج بعض المظاهرات دون السماح باندلاع أي مواجهات مسلحة مع الاحتلال أو الوصول إلى نقاط التماس خشية من اشتعال الأوضاع وزيادة الغضب على السلطة المتعاونة مع الاحتلال حفاظا على أمنها.

المحلل السياسي فتحي بوزيه من الضفة يؤكد على أن خيارات السلطة مع الاحتلال محدودة ما يدفعها إلى مواصلة الالتزام بالاتفاقيات الأمنية وبالتالي مواصلة التنسيق الأمني بين الطرفين.

وقال: "منذ الأحداث وقادة الأجهزة الأمنية تواصل دورها بإعطاء الأوامر بالانتشار في الشوارع ونقاط التماس مع الاحتلال لوقف التصعيد خشية خروج الأمور عن السيطرة أكثر مما عليه الآن".

واللافت أن السلطة تتجاهل كل دعوات الفصائل لوقف التنسيق الامني لإدراكها حجم خطورة الانفكاك عن تنفيذ دورها الأمر الذي سيهدد مصالحها.

وبحسب بزريه فإن السلطة لو كانت ترغب في استمرار الانتفاضة لأوقفت الاعتقالات والاستدعاءات بدلا من زيادة وتيرتها خلال الأيام الماضية.

وفي مطلع أكتوبر الماضي نفذ مواطنون عملية فدائية قرب مستوطنة "إيتمار" القريبة من نابلس وعلى أثر ذلك أقدمت الأجهزة الأمنية على اعتقال عشرات المواطنين والتحقيق مع أحد أفراد المجموعة ما أدى بها نهاية المطاف إلى السجون (الإسرائيلية).

تعاون مستمر

ولم يتوقف دور الأجهزة إلى هذا الحد، حيث نقلت الإذاعة العبرية العامة بالأمس أن أجهزة السلطة اعتقلت خلال الأيام الأخيرة خلية تنتمي للجهاد الإسلامي في طوباس بالضفة بحجة التخطيط لعمليات لاستهداف قوات جيش الاحتلال.

من جهته المحلل السياسي حسام الدجنى ذكر أن ما تقوم به الأجهزة الامنية بالضفة من اعتقالات واستدعاءات ودهم لمنازل المواطنين يمثل بمثابة انقلاب حقيقي على قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الذي قرر خلال الفترة الماضية بوقف كافة أشكال التنسيق الأمني مع الاحتلال.

لكن الملاحظ أن السيناريو المترجم على الأرض يكشف حقيقة واضحة بأن الاجهزة الأمنية تعمل بمفردها وبقيادة ذاتية ولا تلتف لقرارات القيادة الفلسطينية، قائلا:" عندما يهدد عباس وبعض من قياداته بوقف التنسيق يكون ذلك مجرد حديث لا أكثر لاسيما وأن الممارسات على الأرض تخالف ذلك بهدف تقويض الانتفاضة ".

الدجني أكد أن التنسيق الأمني مع الاحتلال بالضفة والذي تزداد وتيرته مع استمرار الانتفاضة مرفوض في الإطار الشعبي والوطني، منوها أن السلطة ترى أن الانتفاضة تمثل تهديدا لوجودها ولمصالحها مع الاحتلال.

لذلك يجمع المراقبون أن السلطة وأجهزتها الأمنية تعتبر اجهاض واخماد لهيب الانتفاضة مصلحة لهما بالدرجة الاولى، مؤكدين على استمرار وتزايد وتيرة حملة الاعتقالات والمداهمات والاستدعاءات خلال الأيام القادمة.

وكان رئيس السلطة قد أصدر أوامره إلى القيادات العسكرية في الأجهزة الأمنية مطلع أكتوبر الماضي بما سماه "تفويت الفرصة على المخططات (الإسرائيلية) الهادفة إلى تصعيد الوضع وجره إلى مربع العنف".

البث المباشر