انتشر وسم سلموا المعبر كالنار في الهشيم من قبل المغردين الفلسطينيين بعد الإغلاق المتواصل لمعبر رفح من قبل السلطات المصرية إثر سيطرة السيسي على الحكم، بحجج مختلفة أمنية وسياسية وايدلوجية، كنوع من الضغط لتغيير واقع قطاع غزة.
معبر رفح هو شريان حياة قطاع غزة وإغلاقه يعني تضرر قطاعات كثيرة من أهالي القطاع "الطلاب المرضى التجار المغتربين ..الخ" ويحتاج آلاف الأشخاص للتنقل ذهابا وإيابا يوميا من وإلى القطاع، وإغلاقه يعني تكدس طلبات واحتياجات القطاع وتفاقم أزمة تصيب كل بيت، هناك من يُحمل حماس ظلما وعدوانا إشكالية المعبر، وحقيقة أنا لا أوافق على أي دعوة تضغط على الداخلية لتسليم المعبر، وليوجه الضغط لفتحه من قبل النظام المصري، ودعوتهم للتعامل بآدمية وإنسانية مع المسافرين حيث يلاقون أمر العذاب، كما عليهم الكف عن التدخل في الشئون الفلسطينية ومحاولة فرض وصايتهم الجائرة على شعبنا.
وزارة الداخلية من يدير عملية السفر وتقوم بحرفية ومهنية عالية، والدعوة لتسليمه يعني الدعوة للفوضى والفراغ والانفلات، فماذا نفعل بالداخلية وأين تذهب ومن سيحل محلها ومن يستطيع القيام بذلك؟ وما هي الضمانات لفتحه وعدم عرقلة العمل وبروز مطالبات أخرى، وفكرة تسليمه أصلا خطيرة جدا وفيها تعزيز للانقسام والتشرذم الفلسطيني، وكأن الداخلية قوة احتلال وهي فكرة غريبة ومستهجنة.
وحتى حركة حماس لديها مرونة كبيرة في التعاطي مع إدارة المعبر بما يسهل ويخفف عن المواطنين ولكن هناك استغلال لمعاناة الناس والضغط عليهم، فقبل أيام اجتمعت شخصيتين قياديتين من حماس مع وزراء حكومة التوافق المتواجدين في غزة لطرح حلول حول المعبر، وقالوا لهم بالحرف تعالوا واستلموا المعبر واعملوا ما ترونه مناسبا للتخفيف عن المسافرين، وسيتم مساعدتكم بما تريدون وقد كان المهندس زياد الظاظا أحد الشخصيتين التي قابلت وزراء التوافق، ورغم ذلك الوزراء لم يردوا وحكومة التوافق لم تلتفت أبدا لمبادرة حماس.
الموضوع باختصار ليس تسليم المعبر والذي ارفضه، بل خنق وإذلال ومعاقبة غزة على صمودها وتحديها لإسرائيل، فالمشكلة ليست بإدارة الداخلية لمعبر رفح بل بتعامل النظام المصري المشين وغير الإنساني وإغلاقه المتواصل دون سبب طوال هذه الفترة.
فلنسأل انفسنا بصدق وتجرد لماذا يغلق معبر غزة ويطالب بتسليمه وتسليم الحكومة؟ فقط لأنهم يقاومون ويقاتلون الاحتلال ويصنعون السلاح ويبنون الأنفاق الذي نتباها بها جميعنا، إن حماس أيها السادة تعاقب على جريمة لم تقترفها، جريمة التسليم ودخول الحظيرة الإسرائيلية.
تسليم المعبر لجهة مرتبطة بالاحتلال وباتفاقيات أمنية واقتصادية خذلان وخيبة، فمن خاض ثلاثة حروب وقاتل وصبر في وجه قوة الاحتلال الغاشمة ويعد لمواجهة رابعة وخامسة حتى التحرير لا يقال له سلم، فهذا لا يعرف معنى التسليم فقد جرب حلاوة وعظمة الصمود والاقتحامات والتماسك وفرض المعادلات.