سياسة قديمة بدأت فصولها منذ أن احتلت (إسرائيل) الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 كأحد أشكال العقوبات الجماعية.
هدم المنازل سياسة تستدعيها دولة الاحتلال مجددا مع بدء انتفاضة القدس في محاولة لإرهاب منفذي العمليات الاستشهادية.
وفي آخر جرائمها جمعت دولة الاحتلال ما يزيد على ألف جندي وشرطي (إسرائيلي) لتنفيذ أمر رئيس هيئة أركان جيش الإحتلال غادي ايزنكوت لهدم منزل الشهيد إبراهيم العكاري في مخيم شعفاط للاجئين في مدينة القدس المحتلة.
حجم الجنود والآليات جعل الأمر يبدو وكأن دولة الاحتلال ستقدم على احتلال المخيم، لكن اللافت أن أي من أفراد الأجهزة الأمنية في السلطة لم يحرك ساكنا فيما حاول الشبان التصدي لتلك القوات فأصيب بحسب الهلال الأحمر 43 مواطنا.
دولة الاحتلال التي اختارت توقيت الهدم بعناية بعد ذهاب الطلاب والعمال إلى مدارسهم وأماكن عملهم، لن تفلح سياستها بحسب المحليين في اخماد الانتفاضة كما لم تنجح في ذلك سابقاً.
شقيق الشهيد العكاري منصور قال: "ما الذي أنجزه الاحتلال عندما هدم بيتنا، هم الآن يحولون كل إنسان بسيط إلى عدو مباشر لهم".
وأضاف في تصريحات صحفية: أعادوا عقارب الساعة سنة كاملة للوراء، فهم يدفعون الناس إلى الزاوية بحيث لا يبقى لهم ما يقيهم برد الشتاء، وبذلك يشترون عداوة أبسط الناس، واصفا ممارسات الاحتلال بالغبية.
وكان الشهيد العكاري قد استشهد العام الماضي بعد أن نفذ عملية دعس، قتل خلالها مستوطنا وأصاب أكثر من 10 آخرين.
ولم تكتفِ (إسرائيل) بمنزل العكاري بل أقدمت الخميس الماضي على تفجير منزل الأسير راغب عليوي، في حي "الضاحية" بمدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية المحتلة، والمتهم بالمسؤولية عن قيادة خلية عسكرية تابعة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" نفذت عملية "إيتمار" التي أدت لقتل اثنين من المستوطنين وجرح آخرين، مطلع أكتوبر الماضي.
وفي ذات السياق ودلالة على فشل سياسة هدم المنازل أقر مستوطنون وجنود بجيش الاحتلال، أن سياسة هدم بيوت منفذي العمليات الفدائية من الفلسطينيين والتي باتت تتبعها قوات الاحتلال (الإسرائيلي) في الضفة والقدس المحتلتين " ليست ذات قيمة ولم تؤدِ الهدف المنوط منها بردع الفلسطينيين بل كانت وازعا جديدا لدى الفلسطينيين لتنفيذ المزيد من العمليات ضد الإسرائيليين، حسب قولهم.
وأظهر تحقيق نشرته صحيفة "معاريف" (الإسرائيلية) اليوم الإثنين، أن "قرار هدم منازل منفذي العمليات من المقاومين الفلسطينيين تدل على أنه قرار ناجم عن فشل قوة الردع (الإسرائيلية) ضد الفلسطينيين وهو يأتي بنتائج عكسية"، بحسب تعبير الصحيفة.
وقد توصل التحقيق الذي أجراه باحثان إسرائيليان إلى نتائج تناقض فكرة جيش وحكومة الاحتلال والتي تقول "إن هدم منازل المقاومين الفلسطينيين سيردع الآخرين بل إن العكس هو الصحيح فهدم المنازل يؤدي إلى زيادة عمليات المقاومة".
هدم منزل العكاري نتج عنه حالة غير مسبوقة من الالتفاف الشعبي حول العائلة حيث استطاعوا جمع تبرعات بقيمة نحو 100 ألف شيكل، لإعادة بناء المنزل.
واظهرت صور تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي سكان الحي وهم يقومون بتجهيز شقة مستأجرة بأثاث كامل للعائلة، فيما أبدى عشرات المواطنين استعدادهم لتوفير الأيدي العاملة وما يلزم البناء وإعادة الترميم من مواد خام من مواسير وكهرباء وبلاط وأثاث وأدوات كهربائية.
بدوره الكاتب والمحلل السياسي د. عبد الستار قاسم اعتبر أن سياسة هدم المنازل لم توقف عمليات المقاومة سواء عمليات الدهس أو الطعن وإلقاء الحجارة، موضحا أن الاحتلال يهدف من خلال تلك العمليات رفع معنويات جيشه وايهام الشارع (الإسرائيلي) بأنّ هناك جهود لحمايتهم وتأمينهم.
وذكر أن الاحتلال يحاول تهدئة روع جنوده ومستوطنيه بالضفة الغربية، بمزيد من الاجراءات العقابية ضد الفلسطينيين، وهي تندرج تحت إطار سياسة العقاب الجماعي، سواء بهدم البيوت أو إجراءات الاعتقال".
وتحاول دولة الاحتلال بحسب قاسم من خلال هدم منازل منفذي عمليات قديمة إيصال رسالة للفلسطينيين بأن" اللي فات ما مات" وهي رسالة لكل من تسول له نفسه بشن هجوم ضدها.
وأكد أن يد السلطة الوطنية وتنسيقها الأمني يجعل الاحتلال يتمادى في طغيانه ويستمر في انتهاكاته.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش طالبت (إسرائيل) بالوقف الفوري لعمليات هدم منازل الفلسطينيين الذين نفذوا هجمات في القدس مؤخرا، وقالت إن هذه العمليات ربما تُعتبر جرائم حرب.
وقالت المنظمة الحقوقية، في بيان نشرته قبل أيام، إن هذه العمليات تعاقب كل أفراد عائلات المنفذين، وبذلك توقع العقاب بصورة متعمدة ومخالفة للقانون بحق أناس غير مدانين بسوء السلوك.
وتستند دولة الاحتلال في هدم البيوت لنص المادة (119) فقرة (1) من قانون الطوارئ البريطاني لسنة 1945 مع معرفتها المسبقة بأن هذا القانون تم الغائه لحظة انتهاء فترة الانتداب على فلسطين.
وتتجاهل قرار الأمم المتحدة رقم 1544 / 2004، حيث نص القرار على ان مجلس الامن دعا (إسرائيل) الى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الانساني ولا سيما الالتزام بعدم القيام بهدم المنازل خلافا لهذا القانون.