مجددا تستدعي السلطة الفلسطينية أزمة الرواتب، ترافقا مع الموعد المعلن (إسرائيليا) للبدء في عملية الضم مع بداية يوليو المقبل.
السلطة الفلسطينية وبعد جولة من التصريحات المتناقضة الصادرة عن مسؤوليها بين من تحدث عن تأخير في الصرف أو تقليص فيه، حسمت أمرها بعدم قدرتها على الصرف، بحسب رئيس وزرائها محمد اشتيه.
هذا المشهد، أعاد للأذهان مشهدا مماثلا في شهر مايو من عام 2018، عند نقل السفارة الفلسطينية، إذ أعلنت السلطة آنذاك عن عجزها دفع الرواتب في تلك الفترة بسبب رفضها تسلم المقاصة احتجاجا على الخطوة.
ثم عادت مجددا لتلوح بهذا الخيار مع اعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لصفقة القرن، في محاولة لامتصاص الشارع الفلسطيني وغضبه ووضعه بين خياري "الغضب أو التجويع".
"التجويع" سياسة قديمة جديدة استخدمها محمود عباس قبيل توقيعه لاتفاق أوسلو، عندما توقفت "م.ت.ف" عن دفع مخصصات ورواتب أعضائها لمدة عام كامل، في محاولة للضغط على جمهور المنظمة وابنائها للقبول بالمسار السياسي للمرحلة الجديدة.
السلطة الفلسطينية هذه المرة تذرعت بالمقاصة التي قالت إنها لن تتسلمها احتجاجا على الموقف (الإسرائيلي) من الضم، رغم استدانتها قبل أسابيع قليلة لمبلغ 800 مليون شيقل من الاحتلال، في خطوة اثارت سؤالا غريبا: "كيف ترفض المقاصة التي هي حق بموجب بروتوكول باريس، وتقبل بالاستدانة من الاحتلال في الوقت ذاته؟"
هنا يتساءل رئيس وزراء الأردن السابق طاهر المصري في حديثه لـ"الرسالة نت"، "كيف تنادي بالمواجهة في وقت تستدين فيه من (إسرائيل)؟"
المقاصة التي تشكل 70% من إيرادات السلطة بحسب خبراء اقتصاديين، تسلمتها السلطة كاملة في شهري مارس وابريل، كما كشف عن ذلك قدري أبو واصل مسؤول هيئة الأسرى والمحررين.
لم تفصح السلطة عن استلامها لكامل المبلغ الا بعد نشر وسائل اعلام عبرية لذلك الخبر، في محاولة لفضح الموقف السياسي الحقيقي للسلطة المخادع لمواقفها الإعلامية.
وإن كانت السلطة تربط العجز بظروف كورونا القائمة، الا انها أيضا تسلمت في الوقت ذاته المقاصة كاملة، إضافة الى مبالغ مالية كبيرة تلقتها كمساعدات لكورونا لم تدفع شيئا منها لغزة ولم تفصح عنها.
وطالبت شخصيات فلسطينية عديدة السلطة بضرورة الإفصاح عن نسبة الأموال وحجمها التي وصلت كمساعدات لكورونا وعن حصة غزة منها، وهي أسئلة رفضت السلطة الإجابة عنها.
واكتفت السلطة بالتهديد بالعمل على تقليص النسبة الممنوحة كصرف رواتب لموظفي السلطة في المحافظات الجنوبية والتي تقدر نسبتها بـ110 ملايين دولار بحسب مزاعم حسين الشيخ عضو مركزية فتح في حديثه لصحيفة أمريكية.
ما سبق دفع عديد السياسيين والمراقبين للتشكيك في إجراءات السلطة من قضية الرواتب، محذرين من محاولة استغلالها سياسيا من طرف السلطة لترويض المجتمع الفلسطيني ودفعه للقبول بما هو قادم من مخططات.
تصريحات الشيخ إضافة لسلوك السلطة، أثار الشك حول ادعاءات السلطة بعدم وجود موارد لديها في الصرف، بحسب القيادي بحركة الجهاد احمد المدلل لـ"الرسالة نت".
كما أثار شك القيادي في فتح حاتم عبد القادر، الذي قال إنه "يستغرب أساسا حديث السلطة من عدم قدرتها الدفع ولو نصف الراتب"، وذلك في حديثه لـ"الرسالة نت".
وسبقه لذلك القيادي في فتح حسام خضر الذي شكك هو الآخر حول عدم قدرة السلطة دفع الرواتب.
وهو ما دفع هذه الشخصيات الى جانب النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي د. حسن خريشة، للقول إن هذه محاولة لتوظيف الرواتب سياسيا لكنها لن تكون مجدية.
وتضع الإجراءات السابقة بحسب هؤلاء السياسيين علامة استفهام حول سلوك السلطة في مواجهة الضم وجديتها حول ذلك في ضوء تخليها عن أوراق القوة الحقيقية ولجوئها لأوراق ضغط على المجتمع الداخلي دون التأثير على الاحتلال.