أثارت الرسالة التي سُربت عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية وقيل أنها خُطتْ بيد الجندي الأسير لدى كتائب القسام شاؤول أرون مخاطباً فيها والدته تساؤلات كثيرة وجدلاً واسعاً لدى عائلة شاؤول من جهة وعلى المستوى الرسمي الإسرائيلي من جهة أخرى حول مدى صحة هذه الرسالة من عدمها ، ونُقل عن مقربين من العائلة أن والدي شاؤول يعيشان حالة من الهياج الشديد والتوتر منذ تلقيهما الرسالة.
صحيفة معاريف الإسرائيلية قالت أن حركة حماس أرسلت عبر وسطاء رسالة لعائلة شاؤول قالت إن شاؤول هو من كتبها بيده ، وآخرون قالوا أنها تأتي في سياق الحرب النفسية التي تخوضها حركة حماس لتحريك المياه الراكدة في هذا الملف، الأمر الذي قوبل بصمت تام من قبل حركة حماس وذراعها العسكري كتائب القسام ، ما يعكس أهمية هذه القضية ومدى حساسيتها لدى حركة حماس من خلال تجربتها السابقة في التعامل مع ملف الأسرى بسياسة الهدوء والنفس الطويل .
أهم ما جاء به المؤتمر الصحفي التي عقدته "زهافا شاؤول" والدة الجندي الأسير بعد ساعات من نشر الرسالة عبر الإعلام هو مطالبتها حركة حماس بإثبات أن ابنها ما زال على قيد الحياة ، حيث قالت موجهة حديثها للسيد إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ..أريد تصديقك، أثبت لنا أن ابني على قيد الحياة وأرنا أدلة تشير إلى وضعه الصحي، وفور عرضك هذه الأدلة، سنقلب الدولة والعالم رأسًا على عقب من أجل عقد صفقة مقابل إطلاق سراحه، أحضروا دليلًا واحدًا يظهر مصير وابني وسأريكم كيف سنتصرف عندها'.
من وجهة نظري كمراقب ومحلل سياسي لمجريات الأحداث والتطورات في الملفات الفلسطينية ومنها ملف التبادل الأول ، أعتقد أن هذه الرسالة التي أطلقتها والدة شاؤول في مؤتمرها لم تكن موجهة بشكلها الإنساني الخاص من عائلة أسير إسرائيلي لدى المقاومة الفلسطينية تريد الاطمئنان على ابنها بقدر ما هي موجهة من ساسة وعسكر وأمنيين إسرائيليين أصابهم الصدمة فور نشر الرسالة بغض النظر عن صحتها من عدمه فعلى كلا الوجهتين هي إبداع في الإعلام الموجه والحرب النفسية ، وأحدث ربكة حقيقية في أوساطهم ، وجعلهم يُصدّرون عائلة شاؤول في مشهد إنساني بحت وكعائلة تريد العودة لابنها سالماُ، تهرباً من دفع أي ثمن واستحقاق للحصول على معلومة أن شاؤول ما زال على قيد الحياة ، متناسين آلام ومشاعر آلاف الاسر الفلسطينية التي تلتهب قلوبهم لوعة على فراق وغياب أبنائهم في السجون الإسرائيلية .
رد حركة حماس لم يتأخر كثيرا بحسب موقع واللا العبري الإسرائيلي الذي أفاد خبراً نقلاً عن مصادر في حركة حماس رداً على والدة شاؤول ومؤتمرها الصحفي ، باستعدادها الكشف عن معلومات بشأن حياة ابنها مقابل إفراج إسرائيل عن أسرى مقابل هذه المعلومات ، رغم علمي المسبق من خلال تصريحاتها و تأكيدها مراراً وتكراراً بعدم خوضها في صفقات قبل إفراج إسرائيل عن أسرى صفقة شاليط ممن أعادت اعتقالهم ومحكومياتهم مؤخراً.
رغم كل التطورات سالفة الذكر ..فإن التساؤل الذي يبقى مطروحاً "هل ستحصل عائلة شاؤول ومن دفعها لعقد هذا المؤتمر قريباً على دليلاً واضحاً يؤكد ان شاؤول أرون ما زال على قيد الحياة بعد عام ونصف من الأسر خلال الحرب الأخيرة الإسرائيلية التي استمرت (51) يوماً على قطاع غزة؟"
باعتقادي ومن خلال متابعتي ومراقبتي لكيفية تعامل حركة حماس مع هكذا ملفات حساسة خاصة في ملف الجندي جلعاد شاليط ، فإن أي كائن ما كان أو وسيط هنا وهناك يريد أن يحصل على معلومة تثبت أن شاؤول أو غيره ما زال على قيد الحياة ، فيجب عليه أن يدفع الثمن غالياً ، فهذا موقف حماس الذي عرفنا في التعامل مع الاحتلال في ملف الأسرى "لا شيء بالمجان وعلى إسرائيل وقيادتها أن تدفع الثمن والثمن غالياً قبل الحصول على أي معلومة كما دفعته من قبل مع الجندي جلعاد شاليط "
هذا السيناريو يعيد إلى أذهاننا من جديد وبعد هذا الحراك إلى تساؤل مهم جداً مفاده ..هل ستدفع إسرائيل ثمن شريط فيديو جديد يثبت أن "شاؤول أرون" أسيراً على قيد الحياة؟ الأمر الذي سيحدث جدلاً واسعاً في الرأي العام الإسرائيلي وسيزيد من الضغوط على الحكومة الإسرائيلية ويدفعها لإتمام صفقة تبادل أسرى جديدة مع حركة حماس أو يكرر مشهد صفقة الحرائر.. دعونا ننتظر.