الاستطلاعات أثبتت ذلك

الفلسطينيون يكفرون بنهج عباس والدماء تحسم مسار التحرير

776767
776767

الرسالة نت -عبد الرحمن الخالدي

لم تكن نتائج استطلاع رأي أجراه مركزٌ بحثي مؤخرا مُفاجأةً للفلسطينيين، فهو عاد ليؤكد رفض ما يقارب ثلثي الفلسطينيين لنهج السلطة واستمرار بقاء رئيسها محمود عباس الذي تجاوز الثمانين من عمره على رأس الحكم، تزامنا مع استمرار انتفاضة القدس التي ما زالت السلطة تقف على حيادٍ إزاءها دون تأييد، بل كررت محاولات وأدها بطرق مختلفة.

فبينما كُتبت على الأوراق نتائج هذا الاستطلاع الحديث الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، ليؤكد أن 65% من الفلسطينيين يطالبون باستقالة عباس، كان الآلاف من المنتفضين في مدن الضفة والقدس المحتلتين يثبتون ذلك ويرسمون بدمائهم خارطة الطريق نحو التحرير ودحر المحتل، بعيدا عن مخططات التسوية والمحاولات المتكررة لتحقيق أي تقدم حتى ان كان وهميا عبر طاولة المفاوضات.

دون اذن أحد

المجريات على الأرض وتجاوز الانتفاضة منتصف شهرها الثالث رغم كل محاولات الاحتواء والوأد، تُحرج السلطة الفلسطينية التي صرّح رئيسها مرارا بأنه لن تكون هناك انتفاضة ثالثة طالما كان على رأسها، وهو ما أكده الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف.

وقال الصواف: "نتائج هذا الاستطلاع وما يجري على الأرض تأكيد على فشل عباس وعبثية تصريحاته بأنه لن تكون هناك انتفاضة طالما بقي على سدة الحكم، فالانتفاضة اندلعت دون اذن من عباس او حركة فتح، وعليه فإنه مطالب بالخروج من الساحة السياسية الفلسطينية وتركها لمن يستطيع قيادة هذا الشعب نحو تحرير الأرض".

وأضاف معلقا على الاستطلاع الذي أظهر انخفاض نسبة الرضا عن أداء الرئيس عباس إلى 35%: "لا غرابة في أن تؤشر نتائج الاستطلاعات لتدني شعبية عباس لهذه الدرجة الكبيرة، وكل الوقائع على الأرض تؤكد بأنه بات في نظر الشعب الفلسطيني لا يمثلهم".

ظهور هذا الاستطلاع تزامن مع ارتفاع أعداد شهداء انتفاضة القدس التي اندلعت مطلع أكتوبر الماضي لما يقارب 120 شهيدا، إضافة لآلاف الإصابات، في الوقت الذي تُربك عملياتها الفردية والنوعية حسابات الاحتلال الإسرائيلي، وتُظهر تصرفاته على الأرض تخبطا واضحا ومساعي جدية لوقف الهبة الجماهيرية بأي شكلٍ من الأشكال.

عمليات الانتفاضة تعددت ما بين إطلاق نار، وطعن ودعس أو كليهما، فيما تنوع منفذوها ما بين الشبان والأطفال والرجال والنساء، علاوة على تنوع جغرافية وأماكن سكن المنفذين، في الوقت الذي بقيت فيه مدينة الخليل تتصدر قائمة الشهداء بأكثر من 39 شهيدا.

ووفقا لمركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني فإن عدد الشهداء من الأطفال بلغ 25 شهيدا، إضافة لارتقاء عشر شهيدات و45 شهيدا ممن هم دون العشرين.

يُكمل الصواف حديثه: "الانتفاضة أظهرت أن الشعب الفلسطيني سئم الاحتلال وقام للتخلص منه والدفاع عن نفسه ومقدساته وأعراضه التي انتهكتها قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين، ورغم أن هدفها كنس الاحتلال عن الأرض الفلسطينية، إلا أن كل من يقف في وجهها سيُكنس تباعا لأنه لن يجد الاحتلال الذي يحفظ له أمنه".

انهيار متوقع

في المقابل، يرى الكاتب والمحلل محمود مرداوي أن انهيار السلطة الفلسطينية سيكون أحد افرازات انتفاضة القدس، كونها تتعارض مع مسارها وترى أن استمرارها يشكل خطرا على مصير قيادات السلطة وأجهزتها الأمنية.

وأكد مرداوي أن الشعب الفلسطيني يعي جيدا ما يقوم به، ولا يرى في خيارات السلطة أو رئيسها محمود عباس أي آفاق سياسية أو حلول للخروج من الوضع الراهن، وبات الآن هو من يحدد المسار بالدم والتضحية ولن تستطيع أي قوة أن تحرف هذا المسار.

وأضاف: "الانتفاضة موجهة ضد الاحتلال فقط، إلا أنها ستتجاوز كل من يحاول عرقلتها سواءً بالقهر أو بالاعتقال أو بتكميم الأفواه، وروادها يحاجّون السلطة بأنها لن تهدأ وستبقى تحافظ على القبول الشعبي والجماهيري".

وبالعودة إلى الاستطلاع، فقد أظهرت نتائجه أن 67% من الفلسطينيين يعتقدون أن (إسرائيل) غير ملتزمة بما جاء في اتفاق أوسلو، وأن عباس غير جاد في التخلي عن الاتفاق رغم كل التهديدات التي أطلقها مؤخرا.

هذا الاستطلاع، اعتبره عبد العليم دعنا عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، استفتاءً لصالح مشروع المقاومة ورفضا لمشروع التسوية، داعيًا عباس إلى الرحيل عن الحكم ومغادرة موقعه والعمل على انهاء الانقسام فورًا.

وأشار في تصريح لـ"الرسالة" أن استفتاءً آخر أجري قبل أيام طالب فيه 67 % من الفلسطينيين بتحويل الانتفاضة إلى عمل مسلح لمواجهة الاحتلال، في إشارة إلى تبني الشعب الفلسطيني خيار المقاومة، مضيفا أن "أبو مازن رفض وضع حد للانقسام السياسي رغم مقدرته على ذلك، علاوة على اخفاقه في معالجة القضايا والأزمات الوطنية والاقتصادية التي تزداد سوءًا بالضفة وقطاع غزة".

ويتولى الرئيس عباس عدة مناصب سيادية إلى جانب رئاسة السلطة، أهمها رئاسة منظمة التحرير، وحركة فتح، ومنصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، كما أنه له تصريحات ومواقف كانت قد أثارت جدلا كبيرا في الشارع الفلسطيني، مثل وصفه صواريخ المقاومة بالعبثية، وإعطاءه أمرا لقادة الأجهزة الأمنية "بقتل أي شخص يطلق الصواريخ على (إسرائيل)".

وسبق أن قدّم عباس تنازلا نادرا عندما قال في مقابلة مع القناة العبرية الثانية، إنه ليس له "حق دائم" في المطالبة بالعودة إلى بلدة صفد التي طُرد منها وهو طفل أثناء النكبة الفلسطينية عام 1984.

والأخطر من ذلك، تعهده بمواصلة التنسيق الأمني مع (إسرائيل)، الذي وصفه أثناء استقباله ناشطين إسرائيليين في مقر الرئاسة برام الله، بأنه "مقدس، سواء اختلفنا أم اتفقنا في السياسة"، كما قال.

وفي خرق جديد لاتفاق الشاطئ الذي تم التوصل له مع الفصائل الفلسطينية في شهر إبريل 2014، كان الرئيس عباس قد أجرى حديثا تعديلا وزاريا على حكومة التوافق الوطني، شمل ثلاث وزارات، الأمر الذي اعتبرته الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس ضربا للمصالحة وتعميقا للانقسام الفلسطيني.

البث المباشر